التنوع في محافظ الأسهم من متطلبات المرحلة الراهنة

من أهم ما تتميز به تحركات الأسعار في الأسواق بوجه عام أنها ليست دائماً قابلة للتنبؤ، ليس فقط بحجم التغير وإنما أيضاً باتجاهاته. وينطبق هذا القول على تحركات أسعار الأسهم، المحلية منها والعالمية وعلى الأسعار في أسواق العملات والسلع بأنواعها. والحديث عن غموض الرؤية وعدم القدرة على التنبؤ لا ينطبق بالضرورة على كل الناس في وقت واحد، إذ غالباً ما يكون هنالك من تصدق توقعاته في الوقت الذي تفشل توقعات الآخرين، ويكون ذلك بتوفيق من الله في الأساس واستناداً إلى متابعة جيدة لأحوال السوق، أو معرفة دقيقة بموازين العرض والطلب.

ولقد كانت لدي رؤية واضحة بشأن إمكانية ارتفاع أسعار الأسهم المحلية في شهر أغسطس بعد تراجعها واستقرارها في شهر يوليو، وذكرت ذلك في مقالين سابقين حيث أشرت إلى أن هناك ما يبرر ارتفاع الأسعار في الأسابيع القادمة وحتى نهاية شهر سبتمبر. على إني أعترف في مقال اليوم بأن اندفاع الأسعار هذا الأسبوع كان بأسرع وأقوى مما كنت أظن مما يجعلني أميل إلى تصديق الشائعات التي راجت عن دخول مستثمر كبير بمليار ريال للسوق. ورغم أن قوة حركة الأسعار كانت واضحة للجميع ولا تحتاج إلى بيان إلا أنني مع ذلك أفضل أن ألخص ملامح تلك القوة على النحو التالي:

1- أن مؤشر السوق قد ارتفع بأكثر من 16% في شهر أغسطس.

2- أن حجم التعاملات اليومية قد عادت إلى مستويات الذروة التي شاهدناها في مارس الماضي، وقد كانت بالأمس عند مستوى 7.5 مليون سهم و بقيمة 686 مليون ريال.

3- أن عدد الشركات التي سجلت ارتفاعاً بالأمس كان 24 شركة، مقابل شركة واحدة فقط سجلت تراجعاً.

ويضاف إلى ما تقدم اعتبار آخر وهو أن السوق قد حققت الأرقام المشار إليها في وقت مبكر نسبياً، إذ يفصلنا عن فترة الارتفاعات التقليدية للأسعار في الربع الأول قرابة خمسة شهور.

على أن أسعار أسهم الشركات لم ترتفع في أغسطس بوتيرة واحدة ، بل تفاوتت بينها بشكل قوي بما يعكس اختلاف الدوافع لارتفاع كل منها. ويستطيع المحلل لتحركات أسعار الأسهم في الفترة المشار إليها أن يجد مثلاً أن سعر سهم صناعات لم يطرأ عليه تغير يذكر وظل دون مستوى 191 ريال التي وصل إليها في شهر يونيو الماضي. وقد يحمل ذلك في طياته احتمال ارتفاع سعر السهم إذا ما تمكن من اختراق حاجز 191. ونجد أن سعر سهم كيوتيل قد تراجع عن مستواه في يونيو بسبب تناقص الأرباح الصافية للشركة بعد استقطاع ضريبة الاحتكار لأول مرة هذا العام. ولكن من المستبعد أن يظل سعر السهم عند مستوياته الراهنة في الوقت الذي ترتفع فيه أسعار أسهم الشركات الأخرى خاصة وأن الشركة ستوزع أرباحاً على المساهمين بمعدل لا يقل عن توزيعات السنة السابقة. ولا يزال سعر سهم الإسمنت قريباً من مستواه في شهر يونيو رغم ما يمثله الإسمنت من أهمية كبرى في فترة الرواج العمراني للبلاد وما يشهده سعر الإسمنت من ارتفاع إلى ضعف مستواه العادي.

في المقابل ارتفعت أسعار أسهم البنوك بقوة في الفترة المشار إليها، وقد بدا لي يوم أمس وبعد يومين من التأرجح أنها قد وصلت إلى ذروة ارتفاعها هذه الفترة، حيث ارتفع سعر سهم كل من المصرف والدولي وسهم التأمين الإسلامية بنحو مائة ريال للسهم الواحد. ومع ذلك لم تصدق توقعاتي وارتفعت أسعار ثلاثتها إلى مستويات جديدة وإن لم تسجل الارتفاع الأقصى –أي لمت أب- كما أن حجم المعروض لم يكن صفري، بل متوازن مع الطلب عند مستويات محدودة، وذلك قد يعني اقترابها من الذروة ما لم أكن مخطئاً والله أعلم.

على أن فرص تحقيق أرباح واعدة لا تزال موجودة في السوق إذا ما أحسنا الاختيار والتوقيت. وهناك شركات أخرى لا تزال أسعارها منخفضة نسبياً وأمامها إمكانية للارتفاع في الأسابيع والشهور القادمة ، وقد يكون من دواعي الحيطة والحذر أن يتم تنويع المحفظة الاستثمارية في الفترة القادمة وعدم التركيز على سهم بعينه تحاشياً لأي انخفاض في سعر هذا السهم وللاستفادة من التنوع في تعظيم الأرباح المتحققة، وللحديث بقية إن شاء الله.