هل نحن على أبواب ارتفاع جديد في أسعار الأسهم؟

يبدو لكثير من الناس أن الاكتتاب في أسهم الشركات الجديدة يشكل لعنة على استثماراتهم القائمة في الأسهم المحلية، وذلك انطلاقاً من التأثير السلبي لأي اكتتاب جديد على أسعار الأسهم المدرجة في سوق الدوحة. وقد يبدو هذا الكلام صحيح لغير القطريين الذين لا يحق لهم الاكتتاب في الأسهم الجديدة، أو للقطريين الذين لديهم محافظ أسهم كبيرة بالملايين، وليس لديهم إلا القليل من البطاقات التي يمكن الاكتتاب بها. وقد كان من الممكن تجاوز هذا الأثر السيئ للاكتتاب الجديد على السوق لو أن الحد الأقصى المسموح به في الاكتتاب كان 2500 سهم وليس 25000 سهم. وقد رأينا في الأسبوع الماضي كيف أن الإعلان في موقع السوق عن حد أقصى 2500 سهم فقط في اكتتاب بروة قد أدى إلى عودة أسعار الأسهم إلى الارتفاع بقوة ليوم واحد، وبعد أن تم تصحيح الرقم إلى 25000 سهم عادت الأسعار في اليوم التالي إلى الإنخفاض. ومن ثم فإنه إذا كان الهدف من قصر الاكتتابات الجديدة على القطريين فقط، فإن تحقيق أكبر فائدة لصغار المستثمرين إنما يتم من خلال تقليل الحد الأقصى ما أمكن، بما يعود بالفائدة المتساوية على الجميع. وفي حالة عدم تغطية الاكتتاب بالكامل يتم رفع الحد الأقصى وزيادة فترة الاكتتاب أو تنـزيل رأس المال المكتتب به.

ومثل هذا الإقتراح يساعد على استقرار سوق الأسهم القطرية وعدم تعريضها لنوبات هستيرية كلما انتشرت إشاعة عن قرب الإعلان عن شركة جديدة. وللأسف فإن كثير من المضاربين يتعجلون بيع أسهمهم في تلك النوبات عملاً بالقاعدة التي تقول اشتري والسوق طالع وبيع والسوق نازل. وهذا الاستعجال يتسبب في حدوث خسائر كبيرة، وتصبح المشكلة كبيرة في حال المضاربين الذين يضاربون بأموال مقترضة أو بأموال ناتجة عن رهونات، حيث يكون للخسائر تأثيرات نفسية ضارة على أصحابها.

وعلى أي حال فإن مراجعة ما حدث في سوق الأسهم خلال الشهرين الماضيين تشير بوضوح إلى أن الانخفاض الذي حدث في المؤشر وفي أسعار معظم الشركات، قد كان له ما يبرره لجهة ما حققه المؤشر والأسعار من ارتفاعات كبيرة في عام 2005. فلم يكن من المتصور أن يستمر اندفاع المؤشر بنفس القوة التي كان عليها في الربع الأول وفي شهري يونيو وأغسطس، بدون أن يكون هناك تصحيح بدرجة معقولة. فقد ارتفع المؤشر بنسبة 100% تقريباً حتى شهر سبتمبر مقارنة ببداية العام مقارنة بزيادة بنسبة 64% و 69% في العامين السابقين. ورغم انخفاض المؤشر إلى قرابة 11 ألف نقطة الآن، فإنه لا يزال يفوق مستواه في بداية العام بنسبة 70%. ونفهم من ذلك أن الانخفاض الذي حدث حتى الآن هو انخفاض تصحيحي، ولا يشكل إنهياراً بأي صورة من الصور.

ولو تأملنا مستويات أسعار أسهم كثير من الشركات في السوق حتى يوم أمس الثلاثاء سنجد أنها باتت مغرية للشراء وليس للبيع، وذلك استناداً إلى عدد من المبررات نذكر منها:

1- أن الأرباح المتحققة لكثير من الشركات كانت مرتفعة جداً هذا العام بما يساعد على توزيع أرباح قوية بعد شهرين او ثلاثةفقط.

2- أن عدداً لا بأس به من الشركات يستعد للإعلان عن زيادات في رؤوس الأموال عن طريق توزيع أسهم مجانية قياساً على ما حدث في سنوات سابقة، وبسبب متطلبات المرحلة الراهنة التي تشهد نمواً مطرداً في الاقتصاد والأنشطة المختلفة.

3- أن أي انخفاض جديد في أسعار أسهم جميع الشركات أمر يضر بمصالح الكبار وأصحاب المحافظ الإستثمارية الضخمة بأكثر مما يضر الصغار. وقد انخفضت القيمة الرأسمالية لجميع الأسهم المدرجة بالسوق بأكثر من 50 مليار ريال منذ وصولها لأعلى قيمة أي 370 مليار ريال في سبتمبر الماضي وحتى وصولها إلى 319 مليار يوم أمس.

4- أن القاعدة تقول: إنه لا ارتفاع بدون انخفاض ولا انخفاض بدون ارتفاع، وقد انخفض المؤشر قرابة 2000 نقطة أو بنسبة 15% من أعلى مستوى وصل إليه قبل شهرين، وانخفضت أسعار أسهم معظم الشركات بنسب كبيرة بما لا يتناسب مع اقتراب نهاية العام. وفي ظل ظروف اقتصادية مؤاتية، حيث الإنفاق الحكومي على أشده وأسعار النفط فوق الخمسين دولار للبرميل، فإن ارتفاع أسعار الأسهم في الأسابيع القادمة وتجاوز المؤشر مستوى 13000 نقطة ثانية هو الأكثر احتمالاً في المرحلة القادمة.

5- يقولون إن سوق الأسهم هو مرآة للوضع الاقتصادي في أي بلد، وطالما أن الوضع الاقتصادي في قطر بخير، فإن من غير المنتظر أن يتأخر ارتفاع أسعار الأسهم، ولو حدث لا سمح الله شيئ من هذا القبيل فإن النتيجة المنطقية أن يحدث بعد ذلك ارتفاع حاد في الأسعار بطريقة لمت أب متتالي، وفي صورة طلب كبير وعرض صفري.

6- إن هذه التوقعات قد لا تنطبق على كل الشركات بنفس القدر، فالشركات التي انخفضت أسعارها نتيجة الاكتتابات في زيادة رؤوس اموالها بأسعار منخفضة قد تتأثر سلباً، ما لم يكن لديها خطط لتوزيع أسهم مجانية بنسب مرتفعة.

وتظل كلمة أخيرة وهي أن سوق الدوحة قد بات يتصف في عام 2005 بسمة التقلبات الشديدة صعوداً وهبوطاً، وقد رأيناه يرتفع بشدة في الربع الأول وينخفض بشدة في إبريل ومايو ثم يرتفع بشدة في يونيو وأغسطس وينخفض بشدة في اكتوبر ونوفمبر، وبقي أن يرتفع بشدة في ديسمبر ويناير،،،،،،، وهذه وجهة نظري الشخصية أجتهد بها والله أعلم.