هل يعاود المؤشر انخفاضه انسجاماً مع المعطيات الجديدة؟

تحدثت في التحليل الأسبوعي لأداء بورصة قطر يوم الجمعة عن ملامح مرحلة جديدة باتت تتشكل في البورصة بعد سلسلة من التراجعات القوية استمرت لشهرين، وصل بعدها المؤشر إلى قدر من الاستقرار حول مستوى 6800 نقطة. ولكن هذا القدر من التفاؤل المشروط باستمرار التحسن في العوامل الإيجابية، ما لبث أن انتكس في عطلة نهاية الأسبوع حيث اختفى اللون الأخضر الذي ساد البورصات الأوروبية أو كاد يوم الخميس، وانقلب إلى اللون الأحمر الدامي يوم الجمعة بعد صدور بيانات التشغيل والبطالة في الولايات المتحدة لشهر مايو والتي أظهرت زيادة محدودة في عدد الوظائف الجديدة في القطاع الخاص على خلاف ما كان متوقعاً. ومؤدى هذه النتائج أن النمو الاقتصادي في الولايات المتحدة لا زال هشاً وضعيفاً، في وقت وصلت فيه حالات إفلاس البنوك والشركات إلى مستوى غير مسبوق. كما أطل القلق بشأن الديون الأوروبية من جديد من بوابة احتمال عجز هنغاريا عن سداد ديونها. وقد كان من نتيجة هذه الأخبار السلبية أن عاد سعر النفط إلى الإنخفاض مع نهاية الأسبوع إلى 70.5 دولار للبرميل، وهبط سعر صرف اليورو إلى ما دون 1.20 دولار، وتراجع مؤشر داو جونز يوم الجمعة بـ 323 نقطة وبما نسبته 3.15%، ليهوي دونما مستوى 10,000 نقطة، كما تراجع مؤشر النازداك بنسبة 3.64%. ومع بداية الأسبوع الجديد، تأثر السوق السعودي بهذه التطورات، وانخفض حتى ساعة إعداد هذا المقال بنسبة 2 % إلى نحو 5880 نقطة.

وعلى ضوء هذه التطورات غير المواتية، فإنني أسارع إلى التحفظ على ما انتهيت إليه في تحليل الجمعة وأؤكد أن المرحلة الجديدة في أداء البورصة-أي العودة للارتفاع- ربما لا تزال رهن التشكل وأنها قد تمر بامتحان مهم في الأيام الأولى من هذا الأسبوع، فإما أن يعاود المؤشر مسلسل الانخفاض والارتفاع يوماً بعد يوم بانتظار تبلور حقائق جديدة على الأرض، أو أن يخالف مؤشر البورصة اتجاهات أسواق العالم ويقطع صلته القوية بها، من خلال ارتفاع جديد يومي الأحد والإثنين ينقله إلى مستوى 6900 نقطة، أو أن يحذو حذو الأسواق العالمية والسعودية فينخفض بأكثر من 2% يهبط بها دون مستوى 6700 نقطة.

وأكاد أميل إلى الآن إلى السناريو الأول أو الثالث، حيث ينخفض المؤشر يوم الأحد بعد ارتفاعه يوم الخميس، ولكن درجة الإنخفاض سوف تعتمد على ما إذا كانت المحافظ الأجنبية ستعاود ممارسة هوايتها في البيع الصافي للأسهم، أم أنها ستواصل انقلابها الذي حدث يوم الخميس بممارسة عمليات الشراء الصافي؟ فإذا ما أقدمت على الشراء الصافي فإن السناريو الأول سوف يحدث، أما إذا مالت إلى البيع الصافي فإننا سنكون إزاء السيناريو الثالث، أي أن المؤشر سيهبط غالباً ولكن حدة هبوطه ستتوقف على اتجاهات البيع أو الشراء الصافي لدى المحافظ الأجنبية.

وكما هو معروف،، فإن فترة الأسبوعين القادمين ستخلو عملياً من أية أخبار أو توقعات بشأن نتائج أعمال وأنشطة الشركات المساهمة في الربع الثاني من العام، ومن ثم فإنه قد لا يوجد ما يدعم مستويات أسعار الأسهم الحالية في الأسبوع الحالي. وإذا ما تذكرنا أن بيانات الجهاز المصرفي الصادرة عن مصرف قطر المركزي قد أظهرت تباطؤاً في نمو الموجودات في الشهور الأربعة الأولى من العام، مع تراجع في مستويات الإقراض للقطاع الخاص مقابل زيادة في مستويات الإقراض للقطاع العام، فإن ذلك قد يُعطي مؤشراً على أن نتائج الربع الثاني من العام الحالي قد لا تكون بأفضل من مثيلاتها في الربع المناظر من العام الماضي، وبالتالي فإنها قد لا توفر الدعم المنتظر لأسعار الأسهم والمؤشر عندما تبدأ في الظهور بعد شهر من الآن. على أي حال قد يكون من المفيد الإنتظار وعدم التعجل في إعطاء تقديرات عامة عن نتائج أعمال الشركات بل سأعمد إلى التريث ودراسة النتائج المتوقعة لكل شركة على حدة، ومن ثم أقوم بنشرها في مقال أو أكثر عن هذا الموضوع في وقت لاحق، بعد أن تتوافر لدي المعلومات المساعدة في عمل تلك التوقعات.

وعلى صلة بالموضع أشير إلى ما تم الإعلان عنه في الأسبوع الماضي من إصدار سندات حكومية تشارك فيها البنوك المحلية لتمويل الإنفاق الحكومي. ورغم أن الخبر لم يصدر بالتفاصيل الكافية عن حجم الإصدار ومعدل الفائدة وآجال السندات، والبنوك المشاركة فيه، إلا أن هذا الإصدار سيؤثر من حيث المبدأ على عنصرين الأول: التأثير المباشر على أرباح البنوك في الربع الثالث حيث سترتفع نتيجة زيادة عوائدها من السندات والتي لن تقل عن 5%، مقارنة بـ 2% تحصل عليها البنوك حالياً كنتيجة لإيداع فائض السيولة لديها لدى المصرف المركزي،، وقد لا تظهر آثار هذه الزيادة بالشكل المؤثر في الربع الثاني بالنظر إلى أن السندات صدرت في نهاية مايو. ثم التأثير غير المباشر المتمثل في ضعف التمويل المصرفي لأنشطة القطاع الخاص في وقت ارتفع فيه التمويل لأنشطة الحكومة والقطاع العام. وهذا الضعف في تمويل القطاع الخاص، قد يكون له تأثير سلبي على أرباح الشركات المساهمة فيما تبقى من العام، فيؤثر ذلك على أسعار الأسهم سلباً.

ويظل ما أقول وجهة نظر شخصية تحتمل الصواب والخطأ،،،،، والله أعلم.