دردشة في العيد عن ارتفاع تكلفة رحلة الحج
بقلم : بشير يوسف الكحلوت
مدير مركز البيرق للدراسات الاقتصادية والمالية
كل عام وأنتم بخير… وتقبل الله طاعاتكم…ورزقكم بها الفردوس الأعلى من الجنة…وقد استوقفني هذا العام موضوع الارتفاع الكبير في تكلفة القيام برحلة الحج إلى بيت الله الحرام، وبت أشفق على متوسطي الدخل وفقراء الأمة الذين سيُحرمون من أداء هذه الفريضة العظيمة من الآن فصاعدا بسبب ضخامة التكاليف، في ظل محدودية الإمكانيات. ولكي تكون الصورة واضحة أشير إلى تطور التكلفة للحج العادي بالطائرة وليس الحج السياحي.. والعادي هو أن تسكن في مكة والمدينة مع آخرين ليس في شقة واحدة بل في الغرفة الواحدة ولعدد لا يقل عن ثلاثة أو أربعة أشخاص. ويذكرني في هذا المقام تكاليف رحلتي للحج عام 1987 التي تمت بتكلفة 6000 ريال فقط شاملة تذكرة الطائرة والسكن والطعام والتنقل داخل المملكة، بخلاف ثمن الأضحية، ولمدة 17 يوماً. وقد ارتفع المبلغ بالتدريج في الأعوام التالية فوصل إلى 8000 عام 1997، ثم إلى 12ألف ريال عام 2007،، أي أنه تضاعف مرة واحدة في عشرين سنة، ثم تضاعف مرتين تقريباً إلى 35 ألف ريال في ست سنوات فقط!!!!. فلماذا الزيادة الكبيرة في التكلفة في ظل محدودية الإمكانيات حيث أن رواتب كثير من غير القطريين ممن هم دون الأربعين من العمر تقل عن عشرة آلاف ريال شهرياً؟ أي أنه في حين أن تكلفة الحج في عام 1987 كانت تعادل راتب شهر واحد، فإنها اليوم تزيد عن راتب ثلاثة شهور للشخص الواحد، وتزيد عن راتب 6شهور إذا ما كانت الرحلة لشخص مع والدته أو زوجته!!.
ولو حللنا سبب الزيادة الكبيرة في تكلفة الرحلة سنجد الآتي:
1- ارتفاع ثمن تذكرة الطائرة إلى جدة إلى الضعف بسبب ارتفاع سعر وقود الطائرات وارتفاع التكاليف الأخرى للنقل الجوي.
2- ارتفاع إيجارات المساكن في مكة والمدينة، ربما بسبب ازدياد عدد الحجيج سنة بعد أخرى، فضلاً عن إدخال تحسينات على المساكن المؤجرة نفسها حيث بات البعض من المقاولين يوفر سكناً فندقياً في منى بدلاً من الخيام.
3- ارتفاع تكلفة توفير الوجبات الغذائية.
4- ارتفاع تكلفة النقل البري داخل المملكة.
5- ارتفاع حصة المقاول من الأرباح، فالمقاول الذي كان يربح نصف مليون ريال قبل ست سنوات أصبح لا يكفيه 2 مليون ريال الآن، وذلك لأسباب عدة منها حاجته لتغطية مصاريفه التشغيلية المرتفعة من ناحية، وباعتبار أن صافي العائد له قد تناقصت قيمته الشرائية، فإذا كان المبلغ الأول كافياً لشراء قطعة أرض مساحتها نصف دونم، فإنه بحاجة الآن إلى 2 مليون ريال على الأقل لشراء نفس مساحة الأرض.
ومن حسن الحظ أن التكلفة ليست واحدة لجميع الدول، ففي الدول الفقيرة تنخفض التكلفة كثيراً إلى أقل من الثلث-وفق ما أخبرني بعض الحجاج الآسيويين- ربما لأن الخدمات التي توفر لهم في المملكة أقل جودة وبسبب انخفاض هامش ربح المقاول، وهو العامل الأهم في الموضوع.
وإذا كان التزاحم على القيام بفريضة الحج للمرة الأولى أمر مفهوم، فإن الحج المتكرر-بواقع مرة واحدة سنوياً أو كل سنتين- أمر غير محمود، باعتبار أنه يخل بحقوق الآخرين في القيام بها، ولو أنه يسقط الحج عنهم بسبب عد الاستطاعة مع الرغبة الشديدة في أدائها. كما أن فقه الأولويات يفرض على الميسورين التبرع بقيمة أداء الفريضة او جزء منها إلى المنكوبين من الأمة في سوريا وفلسطين ومصر والباكستان والصومال والسودان وبورما وما أكثرهم وما أحوجهم لتلك المبالغ الطائلة..
ولعلني أقدم اقتراحاً لحكومتنا الرشيدة يتلخص في دعم موسم الحج سنويا بملبغ 20 مليون ريال تدفعها الحكومة لمقاولي الحج للتخفيف من التكاليف لفئة الحجاج من ذوي الدخل المحدود الذين يحجون لأول مرة.
مقال الأحد 13 اكتوبر 2013