سلاح المقاطعة … بين اليأس .. والرجاء

قدرت المؤسسة العربية لضمان الاستثمار جملة الخسائر التي تكبدهـا الاقتصاد الفلسطيني في ثمانية شهور من جراء الانتفاضة المستمرة بحوالي 4.4 مليار دولار، وقد توزع هذا المبلغ الذي يعادل 4400 مليون دولار عنى النحو التالي :
· 2900 مليون دولار خسائر توقف الإنتاج والأنشطة الاقتصادية من صناعة وسياحة
· 639 مليون دولار خسائر الثروة الوطنية في مجالات الزراعة والمباني السكنية .
· 632 مليون دولار تقديرات الأعباء الإضافية للوضع الاستثنائي في مجالات الصحة والتعليم والخدمات الاجتماعية للمتضررين والمعاقين ومساعدات العمال .
ورغم أن خسائر الجانب الإسرائيلي المادية كانت كبيرة أيضاً وتفوق خسائر الفلسطينيين مصداقاً لقوله تعالى : ( فإنهم يألمون كما تألمون وترجون من الله ما لا يرجون ) ، إلا أن المساعدات التي تتدفق على إسرائيل من الولايات المتحدة بالذات كفيلة بتعويضها عما يلحقها من ضرر مادي .. في الوقت الذي تشح فيه المساعدات العربية والإسلامية للفلسطينيين ولا ترقى إلى مستوى التحدي المطلوب .. ويعبر عن هذا الموقف بصدق ذلك المبلغ الزهيد الذي صرفته اللجنة السعودية الشعبية لدعم الانتفاضة للمتضررين من أبناء فلسطين والذي بلغ 2.25 مليون و دولار حسب الخبر الوارد من وكالات الأنباء يوم الاثنين .. ورغم الشكر الجزيل لأبناء المملكة على مجهوداتهم الصادقة ، إلا أن المطلوب من العرب كافة أكبر من ذلك بكثير حتى لا تنكسر شوكة الفلسطيني في خاصرة المستوطنين من بني صهيون في أرض المقدسات .
***
إن الانتفاضة – كما قال الأستاذ الكبير محمد حسنين هيكل في الأسبوع الماضي – هي آخر شعلة مقاومة كبيرة على مستوى الوطن العربي كله . وعلينا كعرب وكمسلمين أن نبقي شعلتها متقدة بما نقدمه لها من عون مادي مباشر وغير مباشر، والمقاطعة سلاح فعال يمكن للجماهير أن تستخدمه بسهولة للتأثير على المصالح المساندة لإسرائيل ، ولكننا للأسف لا نعرف كيف نقاطع .. بل إن مفهوم الشارع العربي والإسلامي عن سبل المقاطعة مهزوز وغير واضح ومتناقض أحياناً ، ولا أدل على ذلك من استمرار بعض الجهات في الترويج للاستثمار في أسهم الشركات الأمريكية رغم ما في ذلك من تناقض صارخ مع الدعوة للمقاطعة . فالمستثمر الذي يضع عشرة آلاف دولار أو اكثر في أسهم شركات أمريكية لن يعبأ بدعوات المقاطعة حتى لا تتضرر مصالحه في تلك الشركات من جراء المقاطعة ، بل إنه إمعاناً في خدمة تلك المصالح سوف يتحرى المنتجات الأمريكية بالذات ويعمد إلى شرائها دون غيرها ، وهو على الأرجح سينام قرير العين غير نادم على ما فعل طالما أن لديه فتوى من لجان الرقابة الشرعية تؤكد جواز الاستثمار في أسهم الشركات الأمريكية وأنها حلال . إن على أصحاب الفضيلة العلماء بيان وجهة نظرهم في هذا الموضوع بشكل واضح لا لبس فيه حتى لا تزداد البلبلة ، وحتى لا يضيع الجمهور في دوامة اليأس ، ويظل الرجاء حياً في النفوس ، فهل يستجيب العلماء لهذا النداء ونسمع منهم رفضاً واضحاً وصريحاً لكل ما يتناقض مع أبسط قواعد المنطق ؟ نرجو ذلك .