على حين غفلة خرج مؤشر السوق من قمقمه الذي ظل حبيساً فيه طيلة عام 2000 والربع الأول من عام 2001 وانطلق عالياً ليصل مع نهاية يوم الثلاثاء 8 مايو قريباً من مستوى 130 نقطة ، وتشير كل المعطيات إلى أنه مرشح إلى الارتفاع بقوة هذا العام بحيث قد يتجاوز الـ140نقطة في وقت قريب ، وذلك للأسباب التالية:
أولاً: أن معدلات الفائدة على الريال قد انخفضت بنحو 2% في الشهور القليلة الماضية ، وهي مرشحة لمزيد من التراجع ، بما يجعل الودائع المصرفية أقل جاذبية لأصحابها.وقد ذكرت هذه الملاحظة في مقال سابق يوم 3 أبريل تحت عنوان تراجع معدلات الفائدة .. ملاحظات واستنتاجات ، ونصحت يومها بالاستثمار في الأسهم المحلية التي نضج بعضها ، وأصبح ملائماً للشراء.
ثانياً: أن أسعار الأسهم المحلية قد وصلت مع نهاية مارس الماضي إلى مستويات متدنية بعد انتهاء موسم توزيع الأرباح ، ووصل المؤشر إلى مستوى 118.75 نقطة ، وبات واضحاً أن محاولات خفض الأسعار دون ذلك تواجه مقاومة عنيدة ، ومن ثم فإن تلك المستويات أصبحت في نظر الكثيرين أرضية لا يمكن اختراقها ، وبات الاستثمار في الأسهم المحلية مأموناُ من مخاطر انخفاض الأسعار .. ومن هنا بدأت رحلة العودة إلى السوق لشراء الأسهم الممتازة التي انخفضت بأكثر من اللازم في الفترات السابقة التي سادها شعور بالشك وعدم الثقة ، وعندما تجاوز المؤشر مستوى إقفال السنة ، الماضية (أي إقفال 31 ديسمبر 2000) وهو 123.33 نقطة ، فإن ذلك قد وفر للمؤشر دعماً كبيراً رفعه بسرعة قريباً من مستوى 130 نقطة.
****** ******* ******
الخلاصة أن انخفاض معدلات الفائدة من ناحية ، وانخفاض أسعار الأسهم المحلية من ناحية أخرى قد أوجد مناخاً جديداً يدفع المستثمرين بموجبه إلى السوق دفعاُ .. وبحسبة بسيطة نجد أن معدلات الفائدة التي توزعها بعض الشركات مثل كيوتل والملاحة وقطر للتأمين وغيرها قد باتت تفوق كثيراً معدلات الفائدة المنتظرة على الودائع المصرفية ، مع تراجع مخاطر انخفاض أسعار الأسهم ، بل وازدياد احتمالات تحقيق أرباح رأسمالية من ارتفاع الأسعار .. وقد كانت هنالك بالطبع عوامل أخرى خارجية وداخلية ساهمت في هذه العودة القوية لسوق الأسهم المحلية ، ومنها الأداء القوي للقطاع العام القطري في عامي 1999/2000 ، وفي الربع الأول من عام 2001 ، وما حملته الموازنة العامة الجديدة من بشائر لزيادة الإنفاق المحلي.
ومن ذلك أيضاً الخسائر الكبيرة التي أصابت المستثمرين في أسواق المال العالمية ، وانتهاء زوبعة الأرباح الخرافية التي كانت توزعها بعض الشركات المحلية ، وكل ذلك عزز من فرض الاستثمار المحلية بشكل قوي ، ومن المتوقع أن يستمر هذا الزخم في الأسابيع القادمة على ضوء ما تم الإعلان عنه من قرارات داعمة للشركات ، من قبيل إعفاء كيوتل من الضرائب لفترة أخرى ، والسماح للمستثمرين الخليجيين بشراء أسهم بعض الشركات ، وغير ذلك الكثير
****** ******* ******
ولنا بعد ذلك الملاحظات التالية:
1. أنه مع العودة القوية للأسهم المحلية فإن الوقت بات مناسباً لإصدار قانون الصناديق الاستثمارية الذي سيعطي المقيمين الفرصة للاستفادة من النتائج الطيبة للأسهم المحلية. وبعد سنوات من التعامل كشركات وساطة في الأسهم المحلية ، فإن الشركات التي عملت في هذا المجال أصبح لديها خبرة كبيرة ، وتستطيع أن تقدم نفسها للمستثمرين كصانع للسوق بما يحقق لهم معدلات عالية وحقيقية.
إن التحسن المنتظر في أسعار الأسهم المحلية ، وما سيرافقه من زيادة محلية في الطلب على تلك الأسهم سيفتح الباب للنظر في طرح أسهم المزيد من شركات القطاع العام للبيع ضمن برنامج الخصخصة الذي توقف عند محطة كيوتل. ونوصي لذلك بأن تسارع وزارة المالية والاقتصاد والتجارة بفتح ملفات الخصخصة ثانيةً ، وأن تختار المناسب منها بشرط أن يكون ذلك ضمن منهج واقعي ومدروس.
إن الاستثمار في الأسهم المحلية بحاجة إلى مراجعة من زاوية الحلال والحرام ، لأن بعض العلماء لا يمل من تكرار تحريم التعامل في غالبية أسهم الشركات المحلية بحجة ما يصيبها من غبار التعامل بالربا .. ورغم أن مقالاً نشر عن هذا الموضوع في منتصف إبريل الماضي في جميع الصحف المحلية ، إلا أن ارتفاع الأسعار في الأسابيع التالية وبقوة قد أعطى دلالة واضحة على عدم تصديق جمهور المتعاملين لما قيل ، وتفضيلهم للرأي الأخر الذي يرى أن الفوائد ليست هي الربا المحرم في القرآن والسنة .. وللحديث في هذا الموضوع بقية إن شاء الله.