تأملات اقتصادية في العيد

ما أحلى تلك الكلمات الرقيقة الدافئة التي تتدفق من فيه كل منا هذا اليوم حاملة في ثناياها أجمل وأصدق التمنيات بعام آخر كله مودة وخير ومحبة، فتفيض الكلمات على السامعين جواً من الألفة والسعادة والبشاشة، وتنقلهم إلى عالم وردي حالم:كل عام وانتم بخير.

والخير كلمة واحدة خفيفة، ولكنها ذات مدلولات عميقة، وعندما تسمعها قد يخطر ببالك على الفور كيف أن أياماً وشهوراً أخرى قد انقضت وأنت بصحة وعافية، أو أن ما أصابك كان مقدوراً عليه فتحمد الله وتشكره. وقد يدور بخلدك أنك لا زالت على رأس عملك، وأنك ربما أنجزت أعمالاً هامة ونلت عليها مكافأة وترقية، فتحمد الله وتشكره.

وقد تتذكر أن تجارتك قد حققت ازدهاراً أو أن استثماراتك قد جنت ربحاً وفيراً فتحمد الله وتشكره .. وتطول الخواطر وتتعدد ولا تنتهي ما بين نعمة في الأهل والولد أو رزق في المال والجاه أو أمن وراحة في الدار والوطن، وصدق الله العظيم وإن تعدوا نعمة الله لا تحصوها..فاللهم لك الحمد والشكر على ما أنعمت وتفضلت، ولك الحمد حتى ترضى يا رب.

وفي موضوع ليس ببعيد عن موضوع الخير، أشير في عجالة إلى موضوع الأسهم ، التي عادت بالخير على أعداد كبيرة من الناس هذا العام ونقلتهم نقلة مباشرة إلى حال الثراء أو أنها فرجت كربات البعض منهم وسددت ما عليهم من ديون أو يسرت لهم الزواج أو ما إلى ذلك من متطلبات الحياة. ولا زال الناس يأملون خيراً في تجارة الأسهم ويتطلعون إلى تحقيق المزيد من المكاسب وذلك أمر مشروع وبشرط أن تكون قراراتهم متفقةً مع أبجديات العقل والمنطق. وقد سألني بعض القراء عبر البريد الإلكتروني أو من خلال الموقع الجديد على الانترنت المشار إليه أعلاه عن السعر المتوقع لسهم صناعات خلال الأسابيع أو الشهور القادمة وما إذا كان سيتجاوز السبعين ريالاً أم لا. وقد ترددت كثيراً في الإجابة على هذا السؤال لإدراكي من ناحية أنه مهما أوتينا من علم فإنه لا يعلم الغيب إلا الله، ولأنني من ناحية أخرى لا أريد أن أؤثر على مستوى سعر السهم في السوق، حيث علمت أن بعض الناس يأخذون بآرائي وتحليلاتي ويعملون بموجبها. ولأنني أتمنى الخير لكل الناس فإنني رأيت أنه قد يكون من الأفضل بيان وجهة نظري في سعر السهم لعل البعض منهم يستفيد بوجهة النظر هذه فيحقق ربحاً أو ينجو من خسارة. والرأي عند أهل العلم في الاقتصاد أن سعر أي سهم في أي فترة هو نتاج لعوامل العرض والطلب عليه. وفي تقديري أن الطلب على سهم صناعات في الشهور الثلاثة القادمة سيظل محدوداً باعتبار أن ما ستوزعه الشركة من أرباح لن يزيد عن 1.5 ريال للسهم الواحد أو مالا يزيد عن 2.1% من القيمة السوقية الحالية، وهذا لن يساعد في استقطاب اهتمام المستثمرين خاصة وأن الأنظار مركزة على الشركات الأخرى التي ستوزع أسهماً مجانية. وقد استقر سعر سهم صناعات منذ فترة عند القيمة العادلة التي تعكس قيمة السهم في السوق وهي 65 ريالاً. ولو لم تكن هناك خطط لطرح أسهم شركات جديدة في المدى المنظور لارتفع سعر السهم إلى 80 ريالاً للسهم بعد عودة الأموال من اكتتاب مواشي، ولكن لأن الجميع يستعد لما سيأتي من اكتتابات فإن الطلب الإضافي لن يتبلور سريعاً بل سيكون حذراً ومحدوداً، وأي ارتفاع للسعر قريباً من 70 ريال للسهم سيتبعه عمليات بيع تهبط به ثانية. وعلى ذلك أتوقع ألا يحدث ارتفاع مهم في السعر قبل إبريل أو مايو القادمين، وعلى المساهمين اتخاذ قراراتهم التي تناسب ظروف كل منهم إما بالبيع الآن وحمد الله وشكره على ما تحقق من خير، أو الإبقاء على الأسهم على أمل أن يرتفع السعر إلى 80 ريالاً في الربيع القادم إذا سارت الأمور على ما نأمل ونشتهي، والله أعلم.