عادت أسعار أسهم بعض الشركات إلى الارتفاع خلال الأسبوعين الماضيين بتأثير الإعلان عن نتائج الربع الثالث من العام وما تسرب عن اجتماعات بعض مجالس الإدارة من اتجاهات لتوزيع أرباح عالية أو أسهم مجانية، وقد تركزت موجة الارتفاع الجديدة في البداية على أسهم قطاع البنوك وشركات التأمين، إلا أن تأثيرها سرعان ما امتد إلى شركات أخرى هذا الأسبوع بعد عودة أموال المواشي للأفراد، فارتفعت أسعار أسهمها، وإن بدرجة أقل من الارتفاع الذي أصابته بعض شركات البنوك. فإلى أي مدى يمكن أن تستمر هذه الموجة من ارتفاع الأسعار؟
يرى بعض الخبراء الاقتصاديون ومنهم اللبناني هنري عزام أن أسعار الأسهم في منطقة الخليج وبعض الدول العربية مرشحة للبقاء مرتفعة فيما تبقى من عام 2003 وربما جانباً من عام 2004 بتأثير ثلاث عوامل هي انخفاض معدلات الفائدة، وارتفاع أسعار النفط وما يترتب عليه من عائدات مالية كبيرة وإنفاق حكومي سخي، وبسبب الأداء القوي للشركات المساهمة. ولا يستبعد السيد عزام إمكانية حدوث تصحيح (بالانخفاض ) في مستويات الأسعار في وقت ما من عام 2004 . وفي المقابل تنظر مؤسسة ستاندرد آند بورز في تقريرها السنوي عن الجهاز المصرفي القطري بعين الشك إلى حالة الفورة القوية التي تعيشها سوق الأسهم القطرية في عام 2003 وتنبه إلى أن جانب مهم من هذه الفورة لا يقوم على أسس سليمة. ورغم أن كلام السيد عزام يبدو في ظاهره أكثر تفاؤلاً من مؤسسة ستاندرد آند بورز إلا أنه في جوهره لا يختلف كثيراً عن كلام المؤسسة باعتبار أن عام 2003 أوشك على الانتهاء وأن توقعاته لعام 2004 تحتمل حدوث تراجع في الأسعار لدواعي التصحيح. ويهمني في هذا المقال أن أنبه القراء الأعزاء وخاصة من تعوزه الخبرة والدراية في موضوع تجارة الأسهم إلى أن يكون حذراً قدر الإمكان وألا يندفع لشراء الأسهم لمجرد أن لديه إحساس قوي بأنها ستصل إلى مستوى كذا أو كذا، وأن يبني قراراته على دراسة متأنية ومشورة واعية.وفي تقديري أن أسعار أسهم بعض الشركات مثل البنوك وشركات التأمين قد اقتربت من أعلى مستوياتها وأن احتمالات تحقيق أرباح رأسمالية من المتاجرة في هذه الأسهم تتراجع كلما ارتفع السعر، ولا ننسى أن أسعار الأسهم بعد توزيع أي أسهم مجانية عليها، تنخفض بشكل ملحوظ.
وبالإضافة إلى ذلك فإن طرح أسهم شركات جديدة للاكتتاب في الشهور القادمة سوف يعمل على تجميد السيولة العائدة من اكتتاب مواشي لتوظيفها في تلك الاكتتابات الجديدة، وخاصة أن من بينها شركة صناعات جديدة بكل ما يعنيه اسم صناعات لذاكرة الإنسان القطري من فرص رائعة للربح الوفير. وقد عزز القرار الأخير لوزارة الاقتصاد القاضي بزيادة رأسمال مواشي ومضاعفة حصة صغار المستثمرين، من الآمال في أن تكون شروط وقواعد الاكتتابات القادمة أكثر جاذبية مما حدث في شركتي إجارة ومواشي.
والخلاصة أنني أنصح القراء الذين عادت إليهم أموالهم من مواشي التفكير جيداً قبل الإقدام على استثمار ما لديهم من أموال في سوق الدوحة للأوراق المالية، وأخص بالذكر تلك الفئة من المكتتبين الذين اقترضوا من البنوك لتمويل اكتتابهم في أسهم شركة مواشي. وأنصح هؤلاء الأخوة بسرعة سداد ما عليهم من ديون بنكية حتى لا تتراكم عليهم الفوائد وحتى يستطيعوا التخطيط للمشاركة في الاكتتاب القادم من مركز مالي أفضل.وأما القراء الذين تتوافر لديهم الخبرة والدراية في مجال تجارة الأسهم فإن عليهم اتخاذ الحذر والحيطة وعدم البقاء في السوق لفترة أطول من اللازم بحيث يبيع ويخرج من السوق كل من حقق أرباح معقولة لأن احتمالات تراجع الأسعار في وقت قريب تظل قائمة.