كان من خلاصة ما قلته في محاضرة يوم 21/12 بقاعة ابن خلدون بجامعة قطر، إن هناك عوامل كثيرة تدفع باتجاه انخفاض أسعار الأسهم في الشهور القادمة، ومن ذلك أن الأسعار قد وصلت إلى مستويات مرتفعة جداً مما يستوجب انخفاضاً تصحيحياً. ورغم أن أسعار أسهم بعض الشركات قد واصلت ارتفاعها في الأيام التالية للمحاضرة، إلا أن ذلك اقتصر على الشركات التي ستوزع أسهماً مجانية هذا العام، وأغلبها في قطاعي البنوك والتأمين، وربما أيضاً شركة الأسمنت. وبخلاف ذلك، فإن الشركات الصناعية وشركات الخدمات باستثناء كيوتل والملاحة، سوف توزع أرباحاً نقدية فقط وبنسب تتراوح ما بين 10-20%، وهو ما يعني أن أسعار أسهم هذه الشركات ستواصل انخفاضها في الأسابيع القادمة. وعلى سبيل المثال نجد أن سعر سهم الشركة العقارية قد انخفض بعد الإعلان عن توصية مجلس الإدارة توزيع أرباح بنسبة 15% من القيمة الاسمية للسهم على المساهمين. كما تراجعت أسعار أسهم أغلب الشركات يوم الثلاثاء وانخفض مؤشر السوق لليوم الثاني على التوالي بعيداً عن مستوى 4000 نقطة ووصل إلى مستوى 3925 نقطة. وفي تقديري الشخصي إن المؤشر لن يعود ثانية إلى مستوى 4000 نقطة قبل مرور بعض الوقت، وإنه في الوقت الذي ستعُلن فيه بقية الشركات عن توزيعات أرباحها المنتظرة، فإن أسعار الأسهم سوف تنخفض تبعاً لذلك. والخلاصة إن السوق الآن قد وصلت إلى مرحلة تتسم بالتراجع لسببين:
الأول: إن أسعار أسهم الشركات التي ستوزع أسهماً مجانية قد وصلت إلى أعلى مستوياتها وأنها لن تسجل ارتفاعات جديدة في الغالب، بل ستميل إلى الانخفاض.
الثاني: إن أسعار أسهم معظم الشركات الأخرى ستواصل انخفاضها الذي بدأته منذ فترة, ولكن بدرجات متفاوتة تختلف ما بين شركة وأخرى حسب ظروف كل شركة.
وهذا الانخفاض له ما يبرره، بل إن الشركات التي لا تنخفض أسعارها لا يكون أمامها فرصة للارتفاع من جديد. ويختلف المتعاملون في نظرتهم إلى مستقبل الأسعار، وفي اختلافهم رحمة، فهناك من يرى أنها سترتفع وبشدة في وقت قريب، ومنهم من يرى أنها سترتفع ولكن بعد حين وبشكل محدود، ومنهم من يرى أنها ستنخفض وهكذا. وقد فوجئ المتعاملون بتراجع أسعار أسهم شركة صناعات خلال الشهر الأخير، وزادت دهشة البعض منهم وهو يرى السعر يهبط دون الستين ويصل إلى 58 ريالاَ. وقد كان مصدر الدهشة والمفاجأة أن إشاعات ترددت في السوق منذ بعض الوقت مفادها أن الشركة ستوزع أسهماً مجانية على المساهمين بواقع سهمين لكل عشرة أسهم. ورغم صعوبة تصديق مثل هذه الإشاعة في شركة لم تُكمل بعد عامها الأول، ولعدم وجود أرباح كافية لمثل هذا التوزيع، ولعدم وجود أي تأكيد رسمي لها، فإن البعض قد صدقها وبنى قراراته عليها، مما أوقعه في الحرج.
والنصيحة التي نقدمها لكل مستثمر أو مضارب أن يحدد هدفه من وراء كل عملية يقوم بها بما يتناسب مع ظروفه، وآلا يبني قراراته على الإشاعات. فمن كانت ظروفه تسمح له بالاحتفاظ بأسهم صناعات حتى تعود الأسعار للارتفاع ولو بعد 6 شهور فليفعل. ومن كان يفكر في البيع للاكتتاب في أسهم الشركات الجديدة فلا يفعل إلا بعد أن يحسبها جيداً، أي يحسب مع أهل الخبرة احتمالات الربح والخسارة فيما سيبيع وما سيشتري. ومن كانت أعصابه لا تحتمل الانتظار وهو يرى خسارته تزداد كل يوم مع استمرار تراجع الأسعار فليخرج من السوق رحمة بأعصابه.