كن خبر تأجيل التداول في أسهم شركة مواشي بالخبر السار، وتسبب في خيبة أمل عريضة لمعظم مساهمي الشركة الذين علقوا آمالاً واسعة على اقتراب موعد طرح الأسهم في السوق هذا اليوم الأربعاء.ولقد كانت الأنظار متلهفة لمعرفة الهامش الذي سيتحرك فيه سعرالسهم في أول أيام التداول، باعتبار أن ذلك تتوقف عليه جملة من القرارات الهامة للكثيرين. وفي ظني أن طائفة من حملة الأسهم –وهم المستثمرون-قد ظنوا في الشركة خيراً وقرروا الدخول إلى السوق من أول أيام التداول، لشراء أكبر كمية من الأسهم بهدف تعزيز حصصهم المحدودة التي حصلوا عليها بالاكتتاب. وربما كان من هؤلاء من سعى إلى استكمال محفظته من أسهم الشركة لضمان ترشيح نفسه لعضوية مجلس الإدارة. وهناك من كان ينتظر بقلق حتى يكون على بينة من أمره فيعرف ما إذا كان قراره بالاكتتاب في مواشي صائباً أم لا؟ وما هي محصلة تجربتة في هذا المجال بعد ثلاثة شهور كاملة من الترقب والانتظار؟. ومن هذا الفريق أيضاً من كان يأمل ببيع أسهمه في مواشي ليلحق بركب الاكتتاب الجديد في مخازن، أو صرف النظر عنها إذا كانت الحصيلة غير مجدية، -باعتبار أن المخازن ستكون شبيهة بالمواشي-. ومن الناس أيضاً من كان يأمل في البيع ليحصل على السيولة اللازمة للإنفاق أو لسداد ديون مستحقة أو للتخفيف من عبء الفوائد البنكية على القروض.
من هنا يمكن القول، إن الرياح قد جاءت اليوم بما لا تشتهي السفن، وإذا كانت نتائج التخصيص المفاجئة قبل شهرين قد أصابت المكتتبين بخيبة أمل لِصَِغر حصة كل مساهم في الغنيمة، فإن تأجيل التداول إلى ما بعد 21 يناير القادم قد أضعف من حرص القوم على المشاركة في الاكتتابات الصغيرة القادمة، طالما أن مثلها لم يعد يُسمن ولا يُغني من جوع!!
على أن قرار التأجيل في حد ذاته لا يمكن الطعن فيه من أي زاوية، باعتبار أنه قد جاء بشكل طبيعي في إطار ما نص عليه قانون الاكتتاب.فالجمعية العمومية لم تنعقد طالما أن النصاب القانوني لانعقادها لم يكتمل، وكان من الضروري حضور عدد من المساهمين يمتلكون ما مجموعه 50% من أسهم الشركة بالإصالة أو النيابة( أي سواء كانت الأسهم خالصة لهم أو أنهم مخولين بالتصويت نيابة عن أصحابها). ولإن الأسهم موزعة على عدد كبير من المساهمين يصل إلى 75 ألف مساهم يمتلك أغلبهم حصصاً محدودة، فقد ظن كل منهم أن غيابه غيُر مؤثرٍ، فكانت النتيجة أن تخلفت الأغلبية الصامتة عن الحضور وأفشلت بغيابها انعقاد الاجتماع، وكان ما كان من قرار تأجيل تداول الأسهم، طالما أن القانون يشترط لبدء تداولها أن ينعقد أول اجتماع للجمعية العمومية. وإذا لم يكتمل النصاب في أول مرة يصبح الاجتماع منعقداً وقانونياً في الاجتماع الثاني بعد شهر مهما كان عدد الحضور. ويشترط القانون، انعقاد الجمعية العمومية لانتخاب بقية أعضاء مجلس الإدارة والإعلان عن بدء ممارسة الشركة لنشاطها. وقد يقول قائل إن هناك من تعمد عدم الحضور من كبار المساهمين لتوجيه الأمور بما يخدم أغراضه ومصلحته، وأقول إن ذلك ليس جرماً طالما أن حرية الحضور والغياب مكفولة للجميع .
ومن الواضح أن تجربة شركة صناعات بهذا الخصوص كانت مختلفة وغير قابلة للمناظرة مع مواشي باعتبار أن الحكومة ممثلة في قطر للبترول تمتلك 70% من أسهم الشركة، مما جعل النصاب مكتملا بحضور ممثلي قطر للبترول من أول اجتماع.
ومن المؤكد أن أول الانعكاسات السلبية للتأجيل سوف تظهر على حجم المشاركة في الاكتتاب في المخازن، سواء لجهة عدم توفر السيولة اللازمة عند البعض، أو بسبب ضعف العائد المنتظر على الاكتتاب بوجه عام، خاصة مع صغر المبلغ المطروح للاكتتاب.
وقد اختلف المحللون في الرأي بشأن نتائج التأخير على سعر الشركة في السوق، فمنهم من يقول رب ضارة نافعة بمعنى أن تأخير التداول لما بعد الانتهاء من الاكتتاب في المخازن يقلل من اندفاع البائعين الراغبين في تمويل اكتتابهم الجديد فلا تنخفض الأسعار. ومنهم من يرى أن التأخير قد يضر بمستوى سعر سهم مواشي في السوق إذا مالت أسعار الأسهم الأخرى إلى الانخفاض، والوقت لا يزال مبكراً للحكم على أيهما أكثر صواباً.