لماذا لم تتأثر السوق بأخبار الصناديق والخليجيين؟

لم تتوقف سوق الدوحة للأوراق المالية كثيراً عند خبر تكليف سعادة وزير الاقتصاد والتجارة باعداد دراسة حول الآليات المناسبة للسماح للخليجيين بتملك الأسهم القطرية المدرجة في السوق. وبدلاً من أن يعمل الخبر على دعم النشاط في السوق ومن ثم رفع الأسعار، إذا بالأمور تسير في الاتجاه المعاكس. وقد حدث الشيء ذاته في وقت سابق عندما أجاز مجلس الوزراء الموقر لائحة الصناديق الاستثمارية، وكان الظن أن هكذا قرار سيكون له وقع السحر على السوق، إلا أن شيئاً من ذلك لم يحدث رغم ترحيب رجال الأعمال والمستثمرين به في استطلاعات الصحف. فهل ذلك دليل على حالة ضعف تنتاب السوق هذه الأيام أم أن وراء الأكمة ما وراءها؟

الواقع أن السوق لا تعاني من حالة ضعف، واكرر هنا ما قلته للفضائية القطرية مساء الإثنين في برنامج إحداثيات اقتصادية من أن انخفاض مؤشر السوق بنسبة 12% أو نحو 700 نقطة من أعلى مستوى تاريخي له، لا يمثل ضعفاً بقدر ما هو تصحيح لازم للأسعار، بعد انقضاء موسم الأخبار والمفاجئات. لقد كان ارتفاع الأسعار في الشهور السابقة ما بين منتصف يوليو 2003 وحتى منتصف أبريل 2004 نتيجة طبيعية لوجود طلب قوي على أسهم الشركات طمعاً فيما ستوزعه من أرباح مؤكدة. وعندما انتهى الموسم خرج المضاربون من السوق في إطار سعيهم لجني الأرباح، وبخروجهم قل الطلب على الأسهم وازداد المعروض منها، فانخفضت الأسعار، ولكنها لم تنهار. والسر في عدم انهيارها أن المستثمرين، وهم الشريحة الأعظم من المساهمين، يحتفظون بالأسهم، لقناعتهم بأنها استثمار جيد في الأجل الطويل، ومن غير الصواب التفريط فيها.

ومن غير المتوقع أن تستمر فترة تراجع الأسعار طويلاً ، إذ غالباً ما سيعود المضاربون للسوق ثانية لبناء محافظ استثمارية جديدة من الأسهم المحلية، ولكن موعد عودتهم وحجمها سيتوقف على شيئين الأول: قراءتهم لما سيصدر من بيانات عن أداء الشركات في النصف الأول من العام ، وما سيرشح عن نية هذه الشركة أو تلك من قرارات لتوزيع أسهم مجانية، والثاني: أن تكون الأسعار قد وصلت إلى مستوى منخفض يصلح نقطة للبدء منه، وأحسب أننا قد بتنا على أبواب شيء من هذا القبيل، وأن بعض الأسعار مرشحة للارتفاع ثانية.

أما لماذا لم تتحرك السوق لخبر الصناديق، فذاك مرده أن إجازة مجلس الوزراء الموقر للائحة الصناديق، لا تصنع بمفردها طلباً فعالاً على الأسهم. والعالمين ببواطن الأمور يعرفون أن الأمر يحتاج عدة شهور أخرى حتى يظهر أثر الصناديق المأمول على أسعار الأسهم. فنحن بحاجة إلى قرار من سعادة وزير الاقتصاد والتجارة بإصدار اللائحة وإعلانها رسمياً، ثم يتطلب الأمر مدة شهر آخر حتى ينظر مصرف قطر المركزي فيما سيرفع له من طلبات تأسيس صناديق من البنوك وشركات الاستثمار. وبعد موافقة المصرف على أي صندوق سيكون لزاماً على إدارته اختيار الوقت المناسب لطرح وحداته للاكتتاب وجمع الأموال، ولن تكون فترة الصيف فترة مناسبة لمثل هذه الأمور بأي حال من الأحوال. ثم أنه حتى بعد أن تُجمع الأموال وتوضع تحت تصرف أي صندوق فإن عملية بناء محفظة الصندوق لا تتم بين ليلة وضحاها وإنما تتم على فترات، وقد لا تجد إدارة الصندوق أسهماً محلية مناسبة فتوظف جزء من الأموال التي جمعتها في أسهم شركات أجنبية.

وأما الموضوع الآخر وهو عدم تأثر السوق بخبر دراسة آليات السماح للخليجيين بامتلاك الأسهم القطرية، فتلك قصة أخرى سنعود إليها إن شاء الله في مقال آخر وأكتفي هنا بالقول إن دراسة الآليات تحتاج إلى وقت، وتنفيذ ما ستقترحه الدراسة من تعديلات على التشريعات القائمة يحتاج إلى وقت أخر، وذلك لن يكون متاحاً في وقت انفض فيه دور الإنعقاد العادي لمجلس الشورى، ويستعد فيه مجلس الوزراء لتعليق اجتماعاته الأسبوعية بعد أسابيع قليلة للإجازة السنوية. من هنا لم يؤد الخبر إلى موجة من الطلبات الجديدة على الأسهم ، وفي الغالب لن يحدث ذلك قبل عدة شهور، نظراً لأن فتح المجال أمام الخليجيين شيء وحدوث عمليات الشراء شيء آخر.