موجة الارتفاعات تضرب قطاع الخدمات

موجة الارتفاعات تضرب قطاع الخدمات

بقلم بشير يوسف الكحلوت

www.alkahlout.net

انتهيت في مقال الأمس إلى ملاحظة مفادها أن هناك ظاهرة جديدة تحدث في سوق الدوحة للأوراق المالية تتلخص في حدوث طلب يومي كبير على أسهم شركات الخدمات والصناعة مما يرفع من حجم التداول اليومي إلى قرابة الثلاثة ملايين سهم وبقيمة تصل إلى نحو ربع مليار ريال. ومبعث الجديد في الظاهرة أنها تأتي في وقت الاكتتاب في شركة ناقلات، بما يعنيه ذلك من انسحاب للسيولة بمبالغ ضخمة نقدرها بمليارات الريالات. وقد تكررت هذه الظاهرة يوم الثلاثاء حيث ارتفعت أسعار أسهم 11 شركة من قطاع الخدمات من أصل ثلاث عشرة شركة، وبلغ حجم التداول على أسهمها نحو 1.7 مليون سهم أو 58.3% من إجمالي حجم التداول. وإذا أضفنا إلى ذلك حجم التداول المركز على عدد من شركات الصناعة وخاصة التنمية وصناعات وبدرجة أقل التحويلية والطبية، فإن حصة الأسهم المتداولة من هذين القطاعين ترتفع إلى نحو 2.6 مليون سهم وبنسبة 88.5% من الإجمالي. والمحصلة أن هناك توجه مركز باتجاه شراء أسهم شركات الخدمات والصناعة انطلاقاً من اعتقاد بأن أسعار أسهم هذ الشركات منخفض نسبياً إن لم يكن بمعيار الربحية فمن منظور المقارنات الإقليمية وبوجه خاص مع شركات مماثلة في دول التعاون. وعلى سبيل المثال فإن سعر سهم سابك في السعودية يزيد عن سبعة أمثال سعر سهم صناعات رغم ما طرأ على الأخير من ارتفاع في الآونة الأخيرة. ونفس الشيء قد يقال عن سعر سهم اتصالات أو الكهرباء والماء أو وقود أو غير ذلك من الشركات. وحجة أصحاب هذا الرأي أن دخول غير القطريين للسوق –وهو ما بات وشيكاً، ربما بعد أسابيع قليلة- سوف يرفع أسعار أسهم هذه الشركات عالياً، ومن ثم تبدو الفرصة سانحة لشراء ما يمكن شراؤه الآن قبل أن تطير الأسعار إلى مستويات لا يمكن التنبؤ بها مستقبلاً.

وفي زمن أطلقت على مثله في العام الماضي موسم الأخبار والمفاجئات، حيث يترقب المتعاملون في السوق ما يصدر بين يوم وآخر من أخبار التوزيعات المحتملة للشركات، فإن أي توقعات أو إشاعات تزيد من حرارة الموقف في السوق باتجاه شراء المزيد والمزيد من الأسهم. والملاحظ أن شركات قطاعي البنوك والتأمين قد أوشكت على البوح بأسرارها كاملة ولم يعد لديها المزيد مما دفع أسعار أسهم شركات المصرف والدولي والتجاري والدوحة للتأمين إلى الانخفاض ، مع استقرار أسعار أسهم الوطني وبقية شركات التأمين. ولم يكن هناك من استثناء إلا في ارتفاع سعر سهم الأهلي بنحو 5.2 ريالات لاعتبارات تعود إلى انخفاض سعر سهمه بأكثر من توقعات توزيعاته.

والخلاصة التي ينتظرها المتعاملون بشغف هي فيما إذا كان عليهم ركوب الموجة والشراء عند هذه المستويات المرتفعة للأسعار أم عليهم الانتظار لحين أن تهدأ الأحوال؟ وإذا كان في الأمر من تمييز بين شركة وأخرى فماذا يختارون وأي منها يحذرون؟

الإجابة على هذا السؤال ليست سهلة، وخاصة في مثل هذا التوقيت الذي يقترب فيه الاكتتاب في ناقلات من ذروته، ولسبب آخر هو أن الدور سيجيء على شركات الصناعة والخدمات لتعلن هي الأخرى عن نتائجها وتوزيعاتها خلال الأسابيع القادمة، وهي نتائج ستخلو غالباً من المفاجئات. أي أن اندفاع الأسعار المستند إلى تصاعد غير مسبوق في الطلب على الأسهم قد يخف في الأسابيع الثلاثة الأخيرة ما بين الأحد 6 فبراير إلى الأول من مارس نتيجة للعوامل الثلاثة: انسحاب السيولة، نتائج أقل جاذبية من نتائج البنوك وشركات التأمين، ارتفاع الأسعار. هذه العوامل ستحد من استمرار الارتفاع الذي نشهده هذه الأيام، وخاصة مع اقتراب المؤشر لمستواه الأعلى السابق في حدود 7600 نقطة مع نهاية هذا الأسبوع.

ولأن النصيحة للمستثمرين تختلف في العادة عن تلك التي نقدمها للمضاربين ، فإننا نقول للمستثمر اشتري بثقة ولا تتردد، ولكن حاول دائماً أن تنوع في محفظتك واجعل لديك قدراً من السيولة لا يقل عن 30% من رأس مالك لمواجهة ما يستجد من تطورات. أما المضارب فيمكنه أن يشتري ولكن بقدر أقل وعليه أن يبتعد عن الأسهم التي ارتفعت أسعارها بشدة، وأن لا يشتري بأكثر من 30% من السيولة المتاحة له حتى يظل لديه المرونة الكافية للتعديل كلما لزم الأمر.