السوق فوق صفيح ساخن

أقل ما يمكن أن يوصف به سوق الأسهم الآن أنه يغلي فوق صفيح ساخن… ذلك أن أسعار أسهم بعض الشركات في قطاعي الصناعة والخدمات قد وصلت إلى ضعف وأحياناً ضعفي ما كانت عليه قبل شهرين، وبدلاً من أن تتوقف الأسعار لالتقاط الأنفاس، إذا هي تسرع في الارتفاع وتسحب معها أسعار أسهم شركات البنوك والتأمين. وفي حين تتكهرب الأجواء عند بعض الناس ويشتد بهم الفزع خوفاً من الوقوع في شرك، فإن الجموع تمضي مهرولة لا تلوي على شيء، فلا تسمع في السوق إلا نداء واحداً اشتر اشتر. والمعطيات كلها تدعم هذا الاتجاه المفرط في التفاؤل، فقد انتهت أيام الاكتتاب في ناقلات ولم تترك أثراً عكسياً على السوق كما هي العادة في اكتتابات سابقة. والخليجيون يدخلون السوق بقوة هذه الأيام من مدخلين الأول: الشركات التسعة التي كان مسموحاً لهم دخولها سابقاً، ولم يمارسوا هذا الحق إلا في أضيق الحدود باستثناء كيوتيل، فقرروا الدخول بقوة دون انتظار الثالث من أبريل،

والثاني: من خلال الشراء في أسهم الشركات الأخرى بأسماء أقارب أو أصدقاء من القطريين. ويحدث ذلك كله في جو إيجابي حيث أخبار توزيعات الأسهم هذا العام والتوزيعات النقدية قد كانت قياسية في أحيان كثيرة. ثم أن الجو العام للاستثمار في قطر مناسب جداً سواء من حيث الأمان والجو السياسي الآمن الذي تتمتع به قطر في ظل القيادة الحكيمة لحضرة صاحب السمو الأمير أو التوقعات بنمو اقتصادي كبير في السنوات القادمة، إما لجهة ما يتم من استثمارات ضخمة في مجال الغاز أو ما يعلن عنه من ميزانيات ضخمة للانفاق الحكومي العام خلال السنوات القادمة، مع ارتفاع أسعار النفط إلى مستويات قياسية.

لهذه الأسباب فإن أسعار الأسهم تواصل ارتفاعها وسط أجواء مفعمة بالتفاؤل، ولم يعد أحد يدري أين ترسو السفن المبحرة؟ هل تواصل صناعات ارتفاعها إلى 200 ريال، وهل تتجاوز ذلك إلى 250 ريال!!! وهل تصل وقود والكهرباء إلى 150 ريال، وأين تتوقف التحويلية والتنمية والطبية؟. ثم أليس من المنطق أن ترتفع أسعار البنوك إلى قرابة الـ 400 ريال طالما أن في السوق سيولة ضخمة قادرة على فعل العجائب وطالما أن مثل هذه الشركات تمتاز عن غيرها بما توزعه من أرباح نقدية كبيرة تجعل من يشتريها في وضع آمن من خسائر حتى لو اهتزت الأسعار لأي سبب؟

وتظل بعد ذلك نقطة هامة وهي أن الاستثمار في السوق أصبح في ظل المعطيات الراهنة مربح جداً لدرجة أنني غيرت رأيي فلم أعد أنصح الناس بالتركيز على ناقلات بكل ما لديهم طالما أن، حصة البطاقة الواحدة قد لا تزيد عن 1500 سهم، وطالما أن النسبة والتناسب قد لا تزيد عن 1% في ظل حجم اكتتاب قد يزيد عن 16 مليار ريال. ويكفي أن يضع المكتتب ما لا يزيد عن 2500 سهم في البطاقة الواحدة والباقي يمكن أن يوظفه في السوق في الشركات القوية بما يعود عليه بأرباح سريعة. وهذه النصيحة لم تأت من فراغ وإنما هي نتيجة ما تفرزه السوق من أرقام ليست معتادة… لقد أصبح حجم التداول اليومي في السوق يزيد عن نصف مليار ريال وأكثر من 5 مليون سهم وتجاوز المؤشر مستوى 8000 نقطة وأحسب أنه سيواصل اندفاعه في الأيام القادمة والله نسأل السلامة والغنيمة للجميع.