كان من نتيجة استمرار التراجع الحاد في أسعار الأسهم المحلية أن عجلت يوم أمس بالمقال الأسبوعي في محاولة لطرح بعض الأفكار التي قد تساعد في الخروج من الأزمة التي دخلت فيها السوق. وأستكمل اليوم الحديث عن نفس الموضوع بالنظر إلى أهميته القصوى لجميع حملة الأسهم بدون استثناء. وأود أن أشير بداية إلى أنني أعبر فيما أكتب عن رأيي الشخصي وليس لي أي مصلحة شخصية من وراء ذلك، حيث أنني قد فتحت حساباً بالفعل لدى السوق، ولكنني لم أبدأ المتاجرة بعد، وبالتالي فأنا لست من المتضررين من انخفاض الأسعار، بل العكس هو الصحيح. ومع ذلك فإنني كأحد الخبراء المهتمين بهذا الميدان قد وجدت نفسي مدفوعاً للكتابة فيه من أجل الصالح العام، فليس من المعقول أن أتوارى عن الأنظار في الوقت الذي يستغيث فيه الناس بمن يطمئنهم أو يبحث معهم عن حل لأزمة نرجو أن لا تطول. وحسناً فعلت إدارة السوق عندما تحركت وأصدرت بياناً أوضحت فيه أنها تبذل جهوداً مع الجهات المعنية كشركات الوساطة لعدم تأخير تسجيل طلبات الشراء، وأنها ترى أن انخفاض الأسعار ليس له ما يبرره بسبب النتائج القوية السنوية وربع السنوية للشركات المدرجة في السوق.
وأرجو أن أوضح لإدارة السوق بأنني قبل شهر واحد فقط(يوم 8/3) قد كتبت مقالاً بعنوان أسعار الأسهم ودلالة المؤشرات الأساسية قد أشدت فيه بالإعلان الصادر عن إدارة السوق عن ضرورة توخي الحذر والإنتباه إلى مؤشرات الأسهم الأساسية عند شراء أي سهم، ونبهت من جهتي إلى أن أسعار الأسهم قد وصلت في حينه إلى مستويات قياسية، مما يستوجب أخذ كلام إدارة السوق على محمل الجد. ولم أكتف بهذا بل أكدت نفس المعنى في المحاضرة التي ألقيتها بنادي الجسرة يوم 13/3 وحذرت فيها من أن التصحيح قادم لا محالة. وهكذا فإن أحداً لا يستطيع أن يتهمني بأنني كنت قبل شهر واحد فقط أُروج لاستمرار تصاعد الأسعار، خاصة وأن المقالان المشار اليهما موجودان على موقعي على الإنترنت.
وفيما يتعلق بالآراء التي قدمتها في مقال الأمس لوقف التدهور في أسعار الأسهم، فإنني أرجو أن أشير إلى أن اقتراح خفض إلـ لمت داون إلى 3%، هو أمر مهم وضروري وخاصة إذا كانت إدارة السوق غير قادرة على وقف التعامل لمدة يومين أو ثلاثة حتى معالجة الموقف، أي أن الاقتراح مكمل لبقية الاقتراحات وليس بمعزل عنها. وليس من المعقول في ظل هذا العرض الضخم للأسهم أن يتم رفع الهامش إلى 10% في يوم واحد‘ فمثل هذا الرفع لن يؤدي إلا إلى مضاعفة خسائر المتعاملين في اليوم الواحد، وبالتالي إلى زيادة حالة الذعر والبيع الجماعي. أما خفض النسبة فيوحي بأن إدارة السوق غير راضية عما يجري وتبحث جادة عن حل قد يكون قريباً فيزداد تماسك الخاسرين ويُحجمون عن البيع. وبالطبع فإن هذا الإقتراح لن يكون فاعلاً في غياب الاقتراحات الأخرى المكملة، ومنها تجزئة طلبات البيع ووضع سقف لها.
إن نشر بيانات الشركات عن فترة الربع الأول من العام قد يكون عاملاً مهدئاً للسوق في هذه المرحلة، وأعتقد بهذا الخصوص أن سعر المصرف قد يشهد ارتفاعاً يوم الأربعاء على ضوء ما نُشر عن اجتماعات الجمعية العمومية من أخبار طيبة عن أرباح الربع الأول، وعن رفع نسبة التوزيعات المجانية إلى 70% بدلاً من 50%. مثل هذه الأخبار الجيدة وغيرها هي التي ستعيد التوازن للسوق وتوقف انخفاض الأسعار. وفي هذا السياق اقترحت في مقال الأمس الإعلان عن تأجيل الاكتتاب في أسهم أي شركة أخرى حتى لا يُحدث ذلك موجة من البيع بين صغار المستثمر يكون هدفها تأمين السيولة اللازمة لمثل هذا الأكتتاب.
وفيما يتعلق بجهود التوعية التي تطلبها إدارة السوق من الصحف المحلية أشير إلى أن أياً من الصحف ليس لديها خبراء محللين ومتخصصين في مجال الأسهم وأن وظيفتها الأساسية هي نقل الأخبار وآراء الجمهور في الموضوعات التي تهم الراي العام. وهي قد تستعين بمحللين وخبراء من خارج كوادرها لكتابة مقالات متخصصة على أمل مساعدة الناس على فهم ما يجري. وهذا كل ما تستطيع الصحف عمله. وبالتالي ليس هناك غنى عن السماح بتأسيس مكاتب استشارية لتقديم الاستشارات التي يحتاجها المتعاملون، وقد طالبت بذلك في مقال الأمس وأعيد التأكيد عليه لأهميته البالغة في الأجل الطويل.
ملاحظة: الآراء الواردة في المقال تعبر عن رأي كاتبها الشخصي فقط