تأملات في موضوع ارتفاع الأسعار
بقلم: بشير يوسف الكحلوت
نهتم جميعاً بموضوع ارتفاع الأسعار لما في ذلك من تأثير مباشر على مستويات معيشتنا وعلى مدخراتنا، ورغم أن الكثيرين لا يعرفون المقصود بكلمة التضخم ولا كيفية حسابها، إلا أن هناك إجماع على كراهية ارتفاع أسعار الخدمات والسلع الاستهلاكية، خاصة إذا لم يكن هنالك ما يقابلها من ارتفاع في الرواتب وأنواع المداخيل الأخرى. وقد ذكرت في مقال سابق أن معدل التضخم في قطر في الربع الأول من العام كان سلبياً، بمعنى أنه تراجع في مارس عما كان عليه في ديسمبر من العام 2004 بنسبة طفيفة في حدود 0.22%. وليس معنى ذلك أن الأمور قد استقرت أو أن الأسعار لم تعد مرتفعة، ولكن ذلك كان إشارة فقط إلى أن أسعار السلع والخدمات المرجحة بأوزان الإنفاق لم يطرأ عليها تغير يذكر في الربع الأول، نتيجة لأن بعض الأسعار ارتفعت، والبعض الآخر منها قد انخفض. ومن المؤكد أن الأسعار بوجه عام وأسعار العقارات بوجه خاص لا تزال مرتفعة، على الأقل بالنسبة لأولئك الذين لم ترتفع مداخيلهم بشكل موازي.
وقد جاء تراجع معدل التضخم في شهر مارس، نتيجة لتحسن سعر صرف الريال مقابل اليورو والين وبعض العملات الأخرى، وبسبب جمود أسعار العقارات في الفترة التي تركزت فيها الأنظار على أسعار الأسهم. ومع ذلك، عادت مستويات الأسعار -على ما يبدو- إلى الارتفاع ثانية في شهري إبريل ومايو نتيجة للعامل الثاني وهو ارتفاع أسعار العقارات والإيجارات. ورغم عدم صدور بيانات رسمية بذلك حتى الآن، إلا أن هذا الأمر يمكن إدراكه بسهولة من واقع المعايشة اليومية لهذا الموضوع. ورغم أن أسعار العقارات مرشحة للاستقرار أو الانخفاض قليلاً في شهور الصيف بسبب موسم السفر، وبسبب رحيل الكثير من العائلات التي لم تستطع التأقلم مع ظروف الإيجارات الجديدة عن قطر، إلا أن ذلك سيكون لفترة مؤقتة فقط. وسيظل ميزان العرض والطلب على المساكن بأنواعها مختلاً لبعض الوقت بسبب النمو الكبير المتوقع في حجم النشاط الاقتصادي هذا العام، وبسبب عمليات الهدم لأغراض التحديث والتطوير العمراني. وقد تعاود أسعار العقارات والإيجارات ارتفاعها في الخريف القادم أو في فصل الشتاء على أبعد تقدير.
والارتفاع في أسعار العقارات نتيجة زيادة الطلب عليها، قد ساهم ضمن عوامل أخرى في تراجع أسعار الأسهم في شهري أبريل ومايو. وقد تضرر الكثيرون من انخفاض أسعار الأسهم في سوق الدوحة للأوراق المالية، وانخفضت أصولهم ومدخراتهم المالية إلى النصف أو أكثر في فترة قصيرة،
نعود إلى موضوع التضخم وارتفاع الأسعار، فنشير إلى أن السيولة المحلية معبراً عنها بعرض النقد الواسع قد ارتفعت في شهر أبريل حسب الأرقام الصادرة عن مصرف قطر المركزي بنسبة 17.9% ما بين نهاية ديسمبر 2004 و نهاية شهر أبريل 2005، وهي نسبة نمو مرتفعة في أربعة شهور، كما أن معدل نمو السيولة في سنة كاملة ما بين أبريل2004 إلى أبريل 2005 قد بلغ 26.8%. هذا التسارع في نمو السيولة المحلية في الفترة الأخيرة هو الوجه الآخر لارتفاع الأسعار، وهو ينبئ بحدوث ارتفاع معدل التضخم في فترة الربع الثاني من العام الحالي. ووما يزيد من هذا الإحتمال أن الارتفاع الذي حدث في سعر صرف الريال والدولار أمام العملات الأخرى سيظل محدوداً لأسباب تتعلق بمشكلة تفاقم العجز في الحساب الجاري الأمريكي.