على ضوء مؤتمر الحاكمية الإدارية:هل من دور فاعل للمودعين في البنوك الإسلامية؟

تصاعد نجم البنوك الإسلامية في دولة قطر هذه الأيام بعد إنشاء وحدات بنكية إسلامية مستقلة، مملوكة لبنوك تجارية تقليدية، لتضاف بذلك إلى البنكين الإسلاميين الخالصين؛ مصرف قطر الإسلامي والبنك الدولي الإسلامي.ومع وجود شركة تأمين إسلامية فقد أصبحت دولة قطر بذلك من أكثر دول المنطقة احتضاناً للعمل المالي الإسلامي. من هنا لا يبدو غريباً أن تحتضن الدوحة هذا الأسبوع بدعوة من مصرف قطر المركزي، المؤتمر الثاني لمجلس المؤسسات المالية الإسلامية تحت شعار :الظهور الفعال للحاكمية الإدارية في المؤسسات المالية الإسلامية. فما هي الحاكمية الإدارية وما علاقتها بالمؤسسات المالية الإسلامية حتى يخصص المجلس لمناقشتها مؤتمراً خاصاً بها يشارك فيه نحو 200 من العاملين بالبنوك والمؤسسات المالية؟

مفهوم الحاكمية هو مفهوم حديث نسبياً إذ يرجع استخدامه وشيوعه إلى عام 1989 حيث ظهر في منشورات وتقارير البنك الدولي عن كيفية تحقيق التنمية الاقتصادية ومحاربة الفساد في الدول الأفريقية جنوب الصحراء. وقد تم الربط في تلك التقارير بين الكفاءة الإدارية الحكومية والنمو الاقتصادي. وهي قد أكدت أيضاً على ضرورة أن تكون الأدوات الحكومية للسياسات الاقتصادية اقتصادية وفعالة، وأن تكفل العدالة والمساواة. ولقد نما المفهوم بعد ذلك ليعكس قدرة الدولة على قيادة المجتمع في إطار سيادة القانون. ومع ظهور وتعدد المشاكل للشركات في فترة التسعينيات، فإن مفهوم الحاكمية الإدارية قد أُستخدم في البحث عن أنجع الوسائل لإدارة الشركات.

والمؤسسات والشركات المالية هي كغيرها من الشركات المساهمة تدار بواسطة مدراء تنفيذيون يكون لديهم الخبرة الكافية في مجال عملهم، وهم يعملون تحت إشراف مجالس إدارة منتخبة من الجمعيات العمومية. وفي ظل هذا الوضع يكون المدراء تحت إمرة وتوجيه مجالس الإدارة، ويعملون بتوجيه مباشر منهم، حتى لو خالف ذلك أحياناً القواعد المهنية السليمة لممارسة العمل. وقد أدى تسلط أعضاء مجالس الإدارة وتدخلهم في تسيير الشؤون اليومية للشركات في بعض الدول إلى نتائج سلبية على أداء الشركات وربما إلى إفلاس البعض منها. ومن هنا بدأ البحث في سنوات التسعينيات في أساليب التحكم في الشركات أو ما يعرف بالحاكمية الإدارية من أجل الوصول إلى أفضل إطار للعلاقات التي تربط الأطراف ذات العلاقة في الشركات أي المساهمين وأعضاء مجلس الإدارة، والإدارات التنفيذية، والمستثمرين أو المودعين ، والموظفين. وبقدر ما تكون العلاقات واضحة والمسؤوليات محددة والشفافية تامة بقدر ما تزداد الثقة المتبادلة بين الأطراف المختلفة وينعكس ذلك بشكل إيجابي على نشاط الشركة.

والمؤسسات المالية الإسلامية أجدر من غيرها للاهتمام بموضوع الحاكمية الإدارية لسببين الأول أن ارتباط اسمها بالإسلام يجعلها مطالبة بالتزام أكبر قدر ممكن من الأخلاق في تعامل الأطراف المعنية مع بعضها البعض. وفي حين قد يتوقع المجتمع حدوث تجاوزات أخلاقية في الشركات العادية ، فإن حدوث ذلك في الشركات الإسلامية يكون مستهجناً ومرفوضاً.

والسبب الثاني لضرورة اهتمام المؤسسات المالية الإسلامية بموضوع الحاكمية الإدارية هو أن منهج العمل المالي الإسلامي يجعل من المودعين طرفاً أساسياً في العلاقة معها باعتبار أنهم يقبلون بمبدأ الربح والخسارة. وقد أشار المتحدثون يوم أمس إلى هذه القضية وأكدوا على ضرورة أن يكون للمودعين وضع خاص في إدارة وتوجيه المؤسسات المالية الإسلامية، لا أن يُترك الأمر كله للمساهمين ومجلس الإدارة الذي يمثلهم. وقد تطرق الشيخ صالح كامل لهذه النقطة وأكد على أنه في بعض شركاته أخذ بهذا المفهوم وكانت نتائج التطبيق جيدة وعادلة.

أود أن أشير في ختام هذا المقال إلى أنني طالبت البنوك الإسلامية قبل ثلاثة أعوام بمراعاة العدالة في توزيع الأرباح بين المساهمين وأصحاب الودائع، ومن يراجع التوزيعات السنوية لأرباح البنوك الإسلاميةعلى المساهمين في السنوات الأربع الأخيرة، يجد أنها قد زادت سنة بعد أخرى فى حين تناقصت حصة المستثمرين أو المودعين أو ظلت بدو تغير يذكر في نفس الفترة.