يقارن الكثيرون هذه الأيام بين الاستثمارات العقارية والاستثمارات في الأسهم، لجهة العائد المتوقع من كليهما في غضون 6-8 شهور، ويسأل البعض على وجه الخصوص ما إذا كان من الأفضل له أن يشتري أرضاً أو أن يضع المبلغ المخصص لذلك في تشكيلة منوعة من الأسهم المحلية الواعدة. ولا شك أن الموضوع يستحق إجابة مستفيضة بإعتبار أن هذين المجالين يمثلان في الوقت الراهن أكثر المجالات ربحية بالنسبة للجمهور العريض الذي يفتقد إلى الخبرات الصناعية أو التجارية أو في أي مجال آخر من مجالات الأعمال والاستثمار المباشر.
والمفاضلة بين النوعين في هذا الوقت بالذات تنطلق من أن النوع الأول وهو الاستثمار العقاري قد وصلت أسعاره إلى مستويات قياسية هذا العام ويرى البعض أنه قد لا يتمكن من تحقيق زيادات كبيرة أي بنسبة تتراوح ما بين 50-70% في الفترة المشار إليها، كما هو مؤمل بالنسبة لأسهم الشركات بوجه عام والبعض منها بوجه خاص.
والقول بصعوبة حدوث قفزة جديدة في أسعار الأراضي عائد إلى العلاقة الوثيقة بين الأسعار والقيمة الإيجارية للعقارات. فبعد أن وصلت الإيجارات إلى مستويات غير مسبوقة في تاريخ قطر، فإنه من غير المتصور أن تسجل الإيجارات أي ارتفاعات جديدة طالما ظلت مستويات الرواتب والأجور عند الوضع الحالي بدون تعديل ملحوظ إلا في أضيق الحدود. كما أن تسارع عمليات البناء في مواجهة عمليات الهدم من أجل التطوير والتحديث، قد بدأت تترك آثارها وبتنا نرى من جديد لافتات كتب عليها بالخط العريض للإيجار أو للبيع. هذا التسارع في حجم المعروض من العقارات، قد يزداد حدة في الشهور القادمة مع اقترابنا من سنة الأسياد، فضلاً عن البعض يتوقع أن يحدث فائض كبير في المعروض بعد الأسياد الأمر الذي سينعكس سلباً على أسعار العقارات. وأهمية مثل هذا التفكير أنه يحد من الطلب على شراء العقارات باعتبار أن التخوف من انخفاض الأسعار والقيم الإيجارية يحد من الإقبال على شراء المزيد من الأراضي لبناء المزيد من العقارات.
في المقابل فإن نتائج الشركات المساهمة –حسب المعلن عنها لفترة الشهور الستة الأولى من العام 2005- تشير بوضوح إلى حالة من التضخم الشديد بما يبشر بتوزيعات كبيرة ومجزية بالقياس لما حدث في العام الماضي. وستجد أغلب الشركات –وخاصة التي لا تساهم فيها الحكومة- أن من الأفضل لها توزيع الأرباح في صورة أسهم مجانية بدلاً من الأرباح النقدية. وهذا النمط من التوزيع له جاذبية لسببين الأول: أنه يبقي الأموال لدى الشركات بدلاً من توزيعها على المساهمين مما يعزز من احتياطيات الشركات، والثاني أنه يسعد المساهمين الذين ترتفع أسعار أسهمهم بشدة من جراء مثل هذا التوزيع، ويزيد ذلك بالتالي من ثروات المساهمين بما فيهم أعضاء مجلس الأدارة فضلاً عن الزيادة الكبيرة في شعبيتهم بين جمهور المساهمين الذين يشكلون الجمعيات العمومية للشركات.
وإذن فالمفاضلة بين الاستثمار العقاري والاستثمار في مجال الأسهم تميل في الشهور القادمة لمصلحة الأسهم، وذلك ما يساعد ضمن أمور أخرى على تماسك أسعار الأسهم في الفترة الحالية وعدم انخفاضها في موسم الصيف كما كان متوقعاً. على أنه إذا كانت هذه هي القاعدة المتوقعة للفترة القادمة، فإن لكل قاعدة شواذ تحيد عنها، ويجب أن يتنبه المستثمرون لذلك‘ فليس كل الأسهم أسهم ولا كل العقارات عقارات.