عادت أسعار الأسهم إلى التراجع بقوة يوم أمس الثلاثاء، وسجل المؤشر انخفاضاً بنحو 320 نقطة، بعد أن ارتفع على مدى ستة أيام تداول من الإثنين إلى الأثنين بنحو 1300 نقطة. ولقد بدأ الوهن يدب في الأسعار والمؤشر اعتباراً من أول أمس الإثنين، وبعد بداية قوية وصل المؤشر معها أثناء التداول إلى نحو 9770 نقطة، بزيادة 227 نقطة عن يوم الأحد، إذا بالوضع يتغير، وزحف اللون الأحمر على أسعار أسهم العديد من الشركات، وإن ظل التغير في المؤشر مع نهاية اليوم موجباً وأخضراً بنحو 45 نقطة. ثم واصل المؤشر انخفاضه بقوة يوم الثلاثاء على نحو ما أسلفنا، ليصل إلى 9282 نقطة، فهل كان التراجع بنحو 500 نقطة من أعلى مستوى بلغه المؤشر يوم الإثنين، تصحيحاً إلى أسفل يستأنف بعدها صعوده، أم أنه نهاية سريعة لستة أيام من التصحيح إلى أعلى في مسلسل الإنخفاض طويل الأجل الذي بدأ منذ أكتوبر الماضي؟
لا بد أن نعترف أن انخفاض الأمس كان قوياً وأصاب أسعار أسهم معظم الشركات بالحد الأقصى أي لمت داون، وقد تحول العرض الصفري الذي شاهدناه في الأيام السابقة إلى طلب صفري وعرض كبير بـ 864 ألف سهم عى ناقلات و473 ألف سهم على بروة و101 ألف سهم على الإجارة و87 ألف سهم على صناعات، و55 ألف سهم على السلام وأقل من ذلك على شركات أخرى. ولو كان الأمر تصحيحاً إلى أسفل فقط لما وجدنا مثل هذه العروض الكبيرة. وهذا الوضع ينذر باحتمال تراجع الأسعار في اليومين القادمين، لأنه يعكس مرة أخرى رغبة المستثمرين في الهروب عند المستويات الراهنة للأسعار قبل أن تهبط بهم أكثر.
وقد كنت قد توقعت قبل أكثر من اسبوع أن يرتفع المؤشر إلى 9800 نقطة ثم يتأرجح بعد ذلك ما بين 9500-10000 نقطة إلى نهاية مايو القادم، إلا أنه بقدر ما كان صعود الأسعار قوياً وسريعاً بقدر ما كان الانخفاض شديداً أيضاً. وإذا حدث وانخفض المؤشر بأكثر من 150 نقطة اليوم الأربعاء، فإنه يكمل بذلك 650 نقطة انخفاض أو 50% من أعلى نقطة وصلها. وتجاوز هذا الأمر يعني وفقاً للتحليل الفني حدوث انتكاسة ونهاية سريعة للتصحيح إلى أعلى واستئناف المؤشر لمسلسل الهبوط.
أما إذا ظل الانخفاض دون إلـ 150 نقطة يومي الأربعاء والخميس، وعاد اللون الأخضر ليغزو لوحة الأسعار بشكل متزايد، واختفت العروض الكبيرة والطلب الصفري، فإن ذلك يحمل في طياته إمكانية استئناف مسيرة التصحيح إلى أعلى، بعد فترة قصيرة الأجل من التصحيح إلى أسفل. وعندها نقول إن ما حدث من انخفاض هذا الأسبوع كان راجعاً إلى الرغبة في جني أرباح سريعة أو لعدم صبر الكثيرين وهروبهم من السوق عندما اقتربوا من أسعارهم التي دخلوا بها.
وقد نعزوا عودة الأسعار إلى الانخفاض في الدوحة بسبب ما أفرزته ندوة قناة الجزيرة يوم الأحد من أثر عكسي، عندما لم تنجح في إعطاء المستثمرين جرعة أكبر من الثقة في مستقبل الأسعار، وراحت تبرر لهم أسباب الإنخفاض وضروراته. ورغم ما قد يكون للندوة من بعض الفوائد التثقيفية، إلا أنها أغفلت أنها تخاطب فئتين من الناس: الأولى على درجة عالية من الوعي بما قيل في الندوة وبالتالي فهي لم تقدم لهم شيئاً جديداً، والثانية؛ وتشكل القاعدة العريضة من المستثمرين، ليس لديهم إدراك كاف بما طُرح في الندوة، ويحتاجون إلى الإطمئنان أكثر وإلى نصائح مباشرة، وليس مجرد تعلم دروس أولية في فن التعامل في السوق.
لقد كانت هناك جملة من الإيجابيات خلال الأسبوع الماضي ساهمت في عودة الروح للسوق، وإلى توقف الأسعار عن الإنخفاض بل وارتفاعها بقوة لخمسة أو ستة أيام متتالية. وإذا كنا نريد لهذه السوق أن تعكس الوجه المشرق للاقتصاد القطري، وأن نفعل استراتيجية الدولة الهادفة إلى مشاركة القطاع الخاص وجميع أفراد المجتمع في عملية التنمية الاقتصادية، فإن علينا أن نعزز من ثقة الناس في سوق الأسهم باعتبار أن ذلك الطريق الصحيح للعبور نحو مستقبل واعد. ويجب أن لا ننسى في كل الأوقات أن السوق القطرية هي سوق ناشئة وأن أغلب المتعاملين فيها قد دخلوا إليها في الشهور أو السنوات القليلة الماضية بتأثير الأرباح الضخمة التي حققوها في سوق الاكتتابات دونما عناء كبير، وبتأثير الثقة في أنهم يمتلكون أسهماً تشارك الدولة في ملكيتها سواء في ذلك كيوتيل أو صناعات أو ناقلات أو بروة أو وقود أو الكهرباء والماء أو الأسمنت أو مصرف الريان أو بنك قطر الوطني.
وإذا كنا ندرك أن فريقاً من المتعاملين في السوق هم من المحافظ الاستثمارية الكبيرة التي تجيد فن قراءة السوق واتجاهات الأسعار، فإن من الإنصاف للغالبية التي دخلت السوق بحثاً عما فيه من ذهب أن تُعطى الوقت الكافي لاستيعاب دروس التحليل الفني والأساسي بأقل قدر من الخسائر.