قراءة في بيان الموازنة العامة للدولة للعام 2006/2007

راءة في بيان الموازنة العامة للدولة للعام 2006/2007

حفل بيان الموازنة العامة للدولة هذا العام بالعديد من المفاجآت التي لم تكن في الحسبان، والتي تعكس بوضوح مدى عمق التغيرات التي شهدها المجتمع القطري في السنوات الأخيرة، فضلاً عما تنبئ به من تطورات محتملة أخرى في قادم الأيام. ولعل أول ما استوقفني في بيان الموازنة أنها بُنيت على أساس 36 دولار لبرميل النفط مقارنة بـ 27 دولار في العام السابق و21 دولار قبل عامين. ويأتي هذا الأمر إنسجاماً مع الزيادة المطردة في أسعار النفط والتي بلغت أكثر من 50 دولار للبرميل في متوسط عام 2005. ومن ثم فإن اعتماد مبلغ 36 دولاراً للبرميل قد يعبر عن اطمئنان وثقة من الجهات المسؤولة بأن الأسعار لن تهبط دون ذلك المستوى في العام الجديد 2006/2007 في ظل ميزان العرض والطلب على النفط المائل بشدة لصالح المنتجين.

وقد أدى هذا التطور في مجال أسعار النفط إلى توقع ارتفاع الإيرادات العامة إلى مستوى 56.9 مليار ريال بزيادة 19 مليار وبنسبة 50% عن تقديرات السنة الماضية والتي بلغت نحو 38 مليار ريال. فأين ستذهب هذه الزيادة الكبيرة في الإيرادات؟

لقد وجد راسم السياسة المالية أن أفضل استخدام لهذا الفائض هو في زيادة الاعتمادات المخصصة لموازنة المشروعات الرئيسية، فقدر لها مبلغ 20 مليار ريال. وهذه كانت المفاجأة الثانية في بيان الموازنة هذا العام، حيث أن ذلك يشكل زيادة مقدارها 8.2 مليار ريال وبنسبة 70% عن اعتمادات هذا البند للعام الماضي والتي بلغت 11.8 مليار ريال. ولمن يتذكر فإن اعتمادات هذا البند قبل أربع سنوات لم تكن تزيد عن 2 مليار ريال، ومعنى هذا أن الحكومة ستنفق بسخاء شديد على مشروعاتها الإنمائية المدرجة في الخطة والتي تقدر قيمتها الإجمالية بنحو 82 مليار ريال. الجدير بالذكر أن هذه الاعتمادات ستخصص لاستكمال مشروعات عديدة في مجال الطرق والصرف الصحي واستملاك الأراضي والكهرباء والماء وتجهيز المناطق الصناعية وإنشاء مطار جديد وميناء ، كما سيخصص جزء منها لمشروعات التعليم والخدمات الصحية وقطاع الإسكان.

ويستفاد من هذه الأرقام توقع ارتفاع السيولة المحلية ودوران النقود في المجتمع بشكل حاد، وأنه إذا تم إنفاق المبالغ المعتمدة بالفعل فإن ذلك سيعمل على انتعاش سوق الأسهم من ناحية ولكنه سيبقي معدل التضخم مرتفعاً في عام 2006. وقد يكون من المناسب مراجعة بعض الرسوم التي فرضت في فترة انخفاض أسعار النفط والعجز المزمن في الموازنة العامة للدولة، ومنها الرسوم المرتفعة في مجالات التعليم والصحة والداخلية، وإن أي تخفيف من جانب الدولة لهذه الأمور قد يساعد في الحد من ارتفاع معدل التضخم