إذا كان من المسلم به أن مؤشرات الأسهم المحلية والعالمية قد مرت كلها في مرحلة تراجع خلال الشهور الأربعة الماضية، فإن من المؤكد أيضاً أنها قد دخلت مع نهاية الأسبوع الماضي في عمليات تصحيح قد تخضر معها شاشات العرض لبعض الوقت. والمبررات لهذا التصحيح تتلخص في الآتي:
1- أن الأزمة العالمية قد هدأت حدتها ولم نعد نسمع عن حالات إفلاس جديدة لبنوك أو شركات كبيرة كما كان الحال في الأسابيع السابقة. ويضاف إلى ذلك أن دول العالم قد أظهرت جدية كاملة في التعامل مع معطيات الأزمة العالمية ما بين ضخ مئات المليارات من الدولارات أو اتخاذ إجراءات من قبيل ضمان الودائع وخفض معدلات الفائدة.
2- أن البورصات الرئيسية التي اقتفت أسواقنا خطاها قد توقفت عن التدحرج وعادت إلى الارتفاع؛ نذكر من ذلك داو جونز الذي تجاوز مستوى 9100 نقطة بعد أن اقترب من 8000 نقطة.
3- أن النتائج المالية للشركات القطرية عن 9 شهور قد أظهرت ارتفاعاً ملحوظاً في أرباح أغلب الشركات عن الفترة المناظرة من العام 2007، وذلك يدعو إلى الاطمئنان عن أوضاع تلك الشركات، ويبشر بتوزيع عوائد مالية جيدة تفوق بكثير ما يمكن أن يحصل عليه المودع من فائدة مصرفية لا تتجاوز 2% سنوياً.
4- أن مؤشر سوق الدوحة قد انخفض في أربعة شهور بما نسبته 48% من 12500 نقطة إلى 6500 نقطة، وأن أسعار معظم الأسهم قد وصلت بذلك إلى مستويات متدنية جداً، وأنه لولا حالة الهلع والخوف التي انتابت المتعاملين خلال الشهر الأخير لتهافتوا على الشراء عند هذه المستويات.
5- أن أداء أسهم الشركات في الأسبوع الأخير قد أظهر وصول الأسعار إلى مستويات دعم فني لم تستطع السوق اختراقها، ومن ثم لا بد من حصول تصحيح حيث يزداد الطلب على الأسهم ويقل المعروض فترتفع الأسعار بشكل ملموس.
على أن ما سَيَحِدُ من اندفاع الأسعار في مشوار التصحيح المنتظر هو بقايا حالة الهلع التي انتابت المتعاملين وتحول الكثير منهم إلى البحث عن أرباح ولو قليلة يفرون بها كلما واتتهم الفرصة، ولذلك قد لا يحدث ارتفاع قوي لمت أب كما حدث في بعض الأيام في شهر أكتوبر، وإنما ارتفاعات متوسطة شبه متتالية بحيث نجد أن المؤشر قد يرتفع إلى 8000 نقطة خلال الأيام والأسابيع القليلة القادمة. ويلي ذلك فترة من الاستقرار بانتظار ما سيحدث من تطورات في الأزمة العالمية وتداعياتها، فإذا لم يحدث ما يُعكر الأجواء، فإن انتظار توزيع الأرباح النقدية سيُبقي الأسعار في حالة ثبات قد تدفع المؤشر لاحقاً إلى محاولة الاقتراب من مستوى 9000 نقطة.
على أننا بحاجة في هذه المرحلة إلى التدقيق جيداً في مؤشرات الأسهم المالية وفي نتائج الشركات، فالشركة التي لن توزع أرباحاً جيدة قد لا يرتفع سهمها مع المؤشر بمثل ارتفاع بقية أسهم الشركات.
وفي تقديري أننا بحاجة إلى فترة تطول فيها فترة استقرار الأسعار لأن ذلك سيكون مدخلاً يتم البناء عليه من أجل تغيير مسار الأسعار بحيث تواصل ارتفاعها التدريجي البطيء بدلاً من الانزلاق مجدداً في مسلسل التراجع على مستويات جديدة. وهذا الأمر يحتاج إلى تضافر جهود الجميع واقترح على وجه التحديد ما يلي:
1- أن تعمد الشركات إلى توزيع أرباح نقدية على المساهمين بدلاً من التوزيعات المجانية التي لا تؤدي إلا إلى المزيد من التراجع في الأسعار وبالتالي لا يحصل المساهمون على شيء.
2- أن تتوقف الشركات عن زيادة رؤوس أموالها عن طريق طرح أسهم جديدة للمساهمين وبأسعار منخفضة.
3- أن توقف الوزارة المعنية منح تراخيص لشركات جديدة في عام 2009.
4- أن يتوقف المساهمون عن بيع أسهمهم إذا لم تكن لديهم حاجة ماسة للمال في الفترة القادمة.