يا غزة.. سطري اليوم تاريخاً مجيداً

يا غزة.. سطري اليوم تاريخاً مجيداً
بقلم :بشير يوسف الكحلوت
هنيئاً لك يا غزة هاشم على صمودك الأسطوري في وجه عدوك ‏الغاصب، هنيئاً لشهدائك الأبرار الذين ارتقوا إلى العلا، ولجرحاك ‏الذين سالت دماؤهم أنهاراً لتروي شجرة الحرية… والخزي كل الخزي ‏لبني صهيون الذين تحصنوا خلف طائراتهم ودباباتهم وجبنوا عن ‏المواجهة خوفاً من المنازلة… والعار كل العار للمتواطئين عليك من بني ‏جلدتنا، فقد صموا آذانهم، وأعموا عيونهم عن الحقيقة، غالطوا ‏أنفسهم، فماتت ضمائرهم، نسوا الله فأنساهم أنفسهم، أولئك هم ‏القابضون على كراسيهم، فتباً لكراسيٍ أورثتهم الذلة والمهانة.‏
والتحية كل التحية لكل الشرفاء في امتنا المجيدة، الذين أجمعوا على ‏التنديد بالعدوان البربري الهمجي وقدموا كل ما يستطيعون من عون ‏وإغاثة لنصرة شعبنا المناضل والمجاهد، وإنني في هذا المقام لا يسعني إلا ‏أن أنحني إجلالاً لموقف حضرة صاحب السمو الأمير المفدى الشيخ حمد ‏بن خليفة آل ثاني على دعمه المتواصل وحرصه الدائم على قول كلمة ‏الحق المبين من أجل نصرة أهل فلسطين. ‏
يا‎ ‎غزة الشموخ والإباء، أنت اليوم تعيدين بالدم الطاهر الزكي كتابة ‏تاريخ الأمة.. عشرون عاماً مضت من التراجع والإنكسار منذ أن ‏ضلت القضية طريقها، عشرون عاماً انقضت منذ تحولت الثورة إلى ‏دولة تبحث في دروب السياسة عن حقوق ضائعة، فما حققت إلا ‏المزيد من التفريط في الحقوق. فدولة فلسطين التي أعلنها أبو عمار في ‏عام 1988 على الضفة وغزة وتنازلنا بموجبها عن 80% من ‏فلسطين التاريخية لإسرائيل، لا يوجد منها اليوم إلا مدينة واحدة يجلس ‏عليها حاكم بأمر إسرائيل، ولا زالت مدن الضفة جميعها: الخليل ‏ونابلس وجنين… طولكرم ومهد المسيح ونعلين، أبو ديس وبيت ‏ساحور والقدس الحزين، كلها مستباحة لجنود الاحتلال وللمستوطنين، ‏وغزة أبقوها تحت الحصار اللعين حتى يكتب ساستنا آخر سطر في ‏صك الاستسلام المهين. والاستسلام لا يكون إلا بالتخلي عن ‏البندقية، وقد تخلى الحاكم بأمر إسرائيل عن سلاح المقاومة في الضفة ‏وزج المعارضين في السجون، فماذا كانت النتيجة؟ مزيد من الذل ‏والهوان لأهلنا العُزل.. المزيد من الحواجز على الطرقات، زيادة عدد ‏المعتقلين وتصفيات للمطاردين ..تنامي المستوطنات وتمدد في جدار ‏الفصل العنصري البغيض، والأهم من ذلك كله وفي ظل الضعف ‏المستشري في جسد الأمة، وفرت المفاوضات العبثية مع الاحتلال ‏غطاءً لسكوت العالم عما يجري من ضياع للحقوق، فلا القدس باقية ‏لفلسطين، ولا عودة للاجئين، ولا أمل في العودة لحدود67. لا شيء ‏باق إذن من وهم الدولتين، بل تذويب لقرى الفلسطينيين وسط ‏تجمعات المستوطنين، وتهويد للقدس، وتهديد لأهلنا في مناطق 48.‏
والعرب في معظمهم باعوا القضية، واشتروا خياراً استراتيجياً للسلام ‏مع إسرائيل، فما ربحت تجارتهم وما كانوا مهتدين!!! كان السلام حجة ‏من أجل التنمية والارتقاء بمستوى معيشة المواطنين، فما حققوا إلا تخلفاً ‏عن الركب، فانظر أين هم اليوم من الهند وكوريا والصين؟. وقال ‏بعضهم لقد قدمنا الكثير لفلسطين، فقلت بلا، كان ذاك في زمن ‏النخوة والعزة والنُصرة، وشهداؤكم عند الله أحياء يرزقون، ومن بعده ‏توليتم وتخليتم فانظروا اليوم ما تفعلون!!!!‏
يا غزة الأبية أصمدي واحتسبي عند الله دفاعك عن فلسطين، وعن ‏العرب وعن المسلمين. يا غزة أجعلي صواريخك-العبثية- تزمجر فوق ‏رؤوسهم، فتفتك وتدمر مغتصباتهم …وفي الجحور يرقدون..‏
‏ يا غزة إن الله معك وناصرُكِ ومخزي المعتدين، والنصر الذي وعدنا الله ‏به لن يأتي بالضعف والتخاذل والتسليم، وإنما هو آت لا محالة بالصبر ‏والرباط والتمكين، لدين الله وشرعه القويم. فإصبروا يا أهلنا، ‏وصابروا ورابطوا فإن الله مع المتقين، فإذا ما جاء وعد الآخرة، فإنكم ‏ستسوءون وجوه بني إسرائيل وتدخلوا المسجد الأقصى وتدمروا ما ‏عَلَوا تدمير. يا أهلنا إن النصر صبر ساعة، فلا يغرنكم ما عند اليهود ‏من عتاد وقوة، فوالله إنهم يخافون بأسكم وشجاعتكم ولهفتكم على ‏الشهادة، ويعرفون أنكم تحرصون على الموت بقدر ما يحرصون على ‏الحياة. يا أهلنا أن دماؤكم الزكية قد أعادت الحياة لنبض الشارع ‏العربي والإسلامي، وتفجر الغضب شلالاً هادراً في كل الدروب … ‏وغداً سيعلم الذين ظلموا أي منقلب ينقلبون.‏
‏ ‏