قراءة في مدلولات النتائج المالية للشركات المساهمة (3-3)

بقلم بشير يوسف الكحلوت

استميح القارئ العزيز عذراً في إضافة جزء ثالث إلى هذه السلسلة عن مدلولات النتائج المالية للشركات لنرى كيف تأثرت أسعار أسهم الشركات بتلك النتائج، وما إذا كانت هناك علاقة واضحة بين النتائج والأسعار أم أن عوامل أخرى تعمل إلى جانب النتائج بما يؤدي إلى تشكيل مستويات الأسعار بصورة متوقعة أحياناً، وبشكل غير متوقع في أحايين كثيرة. وقد اخترت للمقارنة بين النتائج ومستويات الأسعارالفترة ما بين الأول من يوليو وحتى نهاية 19 أغسطس الماضي، باعتبار أن هذه الفترة قد شهدت ترقب الإفصاح عن أرباح الشركات أو خسائرها ومن ثم تأثر أسعار الأسهم بها. وبدراسة الأرقام المتاحة عن أول الفترة وآخرها نجد ما يلي:

أولاً: أن المؤشر العام للسوق والقيمة الرأسمالية للأسهم-بعد استبعاد قيمة أسهم فودافون- قد ارتفعا بنسبة 4.4%، 8.8% على التوالي، بحيث وصل المؤشر يوم 19 أغسطس إلى 6691 نقطة وبلغت القيمة الرأسمالية نحو 291.7 مليار ريال.

ثانياً: أن هذا الارتفاع في قيمة المؤشر والقيمة الرأسمالية قد نتج عن ارتفاع أسعار أسهم 16 شركة هي من البنوك: الوطني والمصرف والتجاري والدوحة، ومن التأمين قطر، والعامة والإسلامية، ومن الصناعة: الإسمنت وزاد، والتنمية، ومن الخدمات: كيوتيل والإجارة والملاحة والرعاية وإزدان والخليج الدولية.

ثالثاً: أن أسعار أسهم 26 شركة قد سجلت تراجعاً في أسعارها بنسب متفاوتة هي من البنوك: الأهلي والدولي والريان والخليجي والأولى للتمويل، ومن التأمين: الدوحة والخليج، ومن الصناعة: التحويلية، وصناعات والمستلزمات الطبية، والخليج القابضة، ومن الخدمات 15 شركة أي معظم شركات القطاع عدا المشار إلى ارتفاعها أعلاه.

وعليه فإن ارتفاع أسعار أسهم الشركات الكبيرة كالوطني وكيوتيل والتنمية والمصرف والتجاري وبنك الدوحة هو الذي رفع المؤشر بنسبة 4.4%، خاصة وأن كثير من الشركات التي انخفضت أسعارها غير مشمولة في المؤشر، ومن ثم فإن الارتفاع الذي حدث لا يعكس إلا محصلة التغيرات التي حدثت في أسعار أسهم 20 شركة تشكل المؤشر.

رابعاً: أن خمسة من الشركات التي ارتفعت أسعار أسهمها في الفترة محل الدراسة قد حققت زيادات في أرباحها في النصف الأول من العام 2009 مقارنة بنفس الفترة من العام 2008 وهي الوطني وبنك الدوحة والتنمية وكيوتيل والخليج الدولية، وفي المقابل سجلت إحدى عشرة شركة زيادة في أسعار أسهمها منذ بداية يوليو رغم أن أرباح معظمها كانت متراجعة وهي المصرف والتجاري والعامة للتأمين والإسلامية للتأمين، والإجارة والملاحة والإسلامية للأوراق المالية، ولم تحقق أزدان أية تغير في مستوى الأرباح، وسجلت الرعاية خسارة مالية محدودة.

خامساً: أن عشرة من الشركات التي انخفضت أسعارها في الفترة المشار إليها قد سجلت زيادة في ارباحها في النصف الأول من العام ومع ذلك لم تشفع لها هذه الزيادة وانخفضت أسعارها وهي الريان والخليجي والتحويلية والكهرباء والسلام وقطر للوقود والمخازن والناقلات وبروة ومجمع المناعي.

سادساً أن ست عشرة شركة تراجعت أرباحها أو سجلت خسائر وتراجعت بالتالي أسعار أسهمها ، مع تفاوت مقدار هذا الارتفاع من شركة لأخرى فبعض الشركات كصناعات والنقل البحري والإسلامية للاوراق المالية والعقارية وقطر وعمان والمواشي تراجعت أرباحها بشدة، ومع ذلك كان الانخفاض في أسعار أسهمها محدوداً 5.5% في صناعات 1,4% في النقل البحري، 6,6% في الإسلامية للأوراق المالية و 2,5% في العقارية، و0.7% في قطر وعمان، و1,6% في المواشي.

من هذه القراءة لنسب التغير في النتائج المالية للشركات وأسعار أسهمها، نستنتج أن النتائج المالية للشركات مهمة في التأثير على أسعار الأسهم حيث تراجعت أسعار أسهم 38% من الشركات بعد أن تراجعت أرباحها، ومع ذلك فإنه في حالات أخرى كثيرة حدث العكس حيث نجد أن 23.8% من الشركات تراجعت أسعار أسهمها رغم ارتفاع أرباحها. كما أن 19% من الشركات تراجعت أرباحها ومع ذلك حققت زيادة في اسعار أسهمها، وبعض هذه الزيادة كان ملحوظاً كما في المصرف والتجاري وأزدان.

والخلاصة التي نخرج بها من هذه القراءة أن للعوامل الأخرى دور مهم في اتجاهات أسعار الأسهم المحلية في بورصة قطر، وهذه العوامل هي خليط من عوامل محلية وعالمية ونفسية تضغط في اتجاهات متباينة لتشكل في النهاية الصورة العامة لهيكل أسعار الأسهم في السوق, فما يحدث في أسواق نيويورك وطوكيو ولندن وأسواق الخليج يؤثر ولا شك سلباً أو إيجاباً على اتجاهات الأسعار في قطر، وتداعيات الأزمة العالمية واحتمالاتها المستقبلية في الفترات التالية قد يكون في حسبان المستثمرين وهم يختارون الأسهم في محافظهم. وقد يكون للظرف الزمني تأثير مهم وخاصة في مناسبة مهمة كدخول شهر رمضان –أعاده الله على الجميع بالصحة والعافية – فهناك اعتقاد لدى الكثيرين بأن التداول في شهر رمضان ينخفض عن المعدل الطبيعي بسبب ميل المتعاملين إلى البعد عن السوق والتركيز في العبادات، ومن ثم قد يؤدي ذلك إلى تراجع مؤقت في الأسعار يزول بانتهاء الشهر الكريم وعودة الأمور إلى طبيعتها. ولكن رغم أهمية العوامل الأخرى يظل للنتائج المالية تأثيرها الملموس على أتجاهات أسعار أسهم الشركات، ومن ثم فإنني أتوقع أن يبدأ المتعاملون في التحسب لنتائج الربع الثالث من العام بعد إنتهاء شهر رمضان. وكل عام وأنتم بخير….