مؤشر البورصة يحلق ثانية في الأجواء

كان من نعم الله على حملة الأسهم هذا الأسبوع أن اتضح لهم بشكل واضح ما سبق أن صرح به كبار المسؤولين في الدولة من أن أسعار الأسهم عند مستوياتها التي كانت عليها في فبراير منخفضة وأن في جعبة الحكومة بعض الإجراءات التي ستغير الواقع الراكد في البورصة منذ شهور. وما أن بدأ الأسبوع حتى أعلن مصرف قطر المركزي التعليمات الجديدة التي تقضي بالسماح للبنوك الوطنية بالعودة للتعامل في أسهم بورصة قطر بما قيمته 150 مليون ريال لكل بنك وطني. وقد ظهر أثر هذا القرار واضحاً وسريعاً بارتفاع أحجام التداول ليصل معدلها اليومي المتوسط إلى أكثر قليلاً من المعدل اليومي المعتاد؛ أي إلى 477 مليون ريال يومياً وبإجمالي 2385 مليون ريال في الأسبوع مقارنة بمليار واحد فقط في الأسبوع السابق. وقد كان من نتيجة هذا التغير المفاجئ أن ارتفعت أسعار أسهم البنوك والشركات القيادية بقوة وتمكن المؤشر من الارتفاع بما نسبته 7% أو نحو 500 نقطة تقريباً وصل بها إلى مستوى 7315 نقطة. وعند هذا المستوى يكون المؤشر قد تجاوز أكثر من حاجز مقاومة كان أولها الحاجز القوي عند بوابة إلـ7000 نقطة وتحديداً مستوى 6955 نقطة، ثم حاجز 7260 نقطة. وإذا كانت قوة إندفاع السوق قد توقفت يوم الخميس فإن ذلك كان منطقياً ومتوقعاً لأكثر من سبب:

الأول: أن يوم الخميس يمثل آخر الأسبوع ويليه عطلة أسبوعية تستمر لمدة يومين، وقد جرت العادة في معظم أيام الخميس أن يكون التداول فيها هادئاً نسبياً.

الثاني: أن السيولة الإضافية التي تدفقت على السوق على مدى الأيام الأربعة الأولى من الأسبوع قد خلقت أوضاعاً جديدة في البورصة إن على مستوى سعر سهم كل شركة أو على مستوى المؤشر، ويدفع ذلك كبار المستثمرين إلى التوقف لالتقاط الأنفاس، وإعادة رسم تحركاتهم على ضوء ما اسفرت عنه نتائج التداول في هذا الأسبوع. ولتوضيح ذلك نقول إنه بعد زيادة في المؤشر بنحو 500 نقطة أو 7% فإنه قد يحلو للبعض أن يقرر الخروج من السوق من أجل جنى ما تحقق من أرباح ، وقد يرى البعض الآخر أن الظروف المستجدة تنبئ عن ارتفاعات قادمة تستلزم الاحتفاظ بالمراكز المفتوحة في البورصة لأسبوع آخر، أملاً في تحقيق المزيد من الأرباح. ويستند أصحاب الرأي الأول على مبدأ تفضيل المضاربات السريعة والاكتفاء بالأرباح وإن قلت، وعدم الاحتفاظ بالمراكز لآجال طويلة خوفاً من المفاجآت التي لا تكن أبداً في الحسبان. وفي المقابل يرى أصحاب الرأي الثاني أن اندفاعة قوية بمثل التي حدثت هذا الأسبوع، والتي لم تأت أبداً من فراغ وإنما نتيجة لتغيرات جذرية في المعطيات، فإن الأسعار والمؤشر لن يتوقفا في منتصف الطريق وإنما لا بد من استمرار اندفاعهما لحين اختبار حاجز المقاومة الأهم للمؤشر فوق مستوى 7650 نقطة، أي بنحو 335 نقطة أخرى.

ثالثاً: أن الجهات الحكومية التي عملت على تنشيط التداول في البورصة وتحريك الأسعار بما اتخذته من قرارات، لن تكون سعيدة إذا رأت أن أحجام التداول قد عادت إلى الإنكماش ثانية أو أن الأسعار والمؤشر قد عادا إلى مرحلة تشبه في لغة السياسة حالة اللا حرب والا سلم، فعندها ستعمل هذه الجهات على الدفع بالأمور ثانية نحو المزيد من النشاط .

وعلى ذلك فإنه مع نهاية أسبوع ليس كبقية الأسابيع، ومع انكشاف التوجهات بما صدر من تعليمات، فإن الأيام القادمة تبدو حافلة باخبار جديدة، وقد لا يتكرر طويلاً الأداء الضعيف للبورصة الذي حدث يوم الخميس، ومن ثم فإنني أرى-وذلك راأي شخصي كالعادة يحتمل الصواب والخطأ- أقول إنني أرى أو أتوقع المزيد من الارتفاعات في الأسبوع أو الأسابيع القادمة، وقد تحدث هذه الارتفاعات على أسهم الشركات القيادية أولاً أو تلك التي وزعت أرباحاً جيدة عن نتائج عام 2009. ولا ننسى أن مكرر الأرباح للسوق ولمعظم الشركات لا يزال منخفضاً نسبياً مقارنة بفترات سابقة. وفي كل الأحوال إن عودة الروح إلى السوق كفيلة بإعادة الثقة للمتعاملين الذين هربوا منه بعد الخسائر الكبيرة في العام الماضي، وهذه العودة ستعمل على تصحيح الخلل الذي أصاب البورصة إن لجهة حجم التداول اليومي أو مستويات الأسعار أو المؤشر.ومثل هذا التفاؤل لن يضيره أن تحدث بعض الانتكاسات المحدودة ، ذلك أن حركة السوق دائماً هي مزيج من الكر والفر، وينجح دائماً من يتعامل مع البورصة بعقلية متفتحة وواعية ومدركة لكل المعطيات.