إرهاصات مرحلة جديدة في أداء البورصة

عكس أداء البورصة هذا الأسبوع حالة من التشتت في أذهان المتعاملين رغم كل ما سبق أن أشرنا إليه في التحليلات السابقة من وضوح الهدف المتمثل في قُرب تحقيق اختراقات مهمة على مستوى المؤشر، ومن وجود محفزات حكومية تدفع باتجاه رفع أسعار الأسهم في عام 2010. المعروف أن عام 2009 قد انقضى بزيادة نصف بالمائة فقط في مقدار المؤشر، وقيل في تفسير ذلك إن هذا كان بسبب تداعيات الأزمة المالية العالمية التي أثرت سلباً على أداء الشركات المساهمة. ولكن هذا الحال من عدم التوافق بين معدل النمو الاقتصادي المرتفع وأداء البورصة المتواضع، لا يمكن أن يستمر باعتبارأن مؤشر البورصة هو مرآة لحالة النشاط الاقتصادي في البلاد. ولذا فإنه في الوقت الذي نتحدث فيه عن نمو اقتصادي حقيقي في عام 2010 بمعدل يصل إلى 18.5%، وبنسبة نمو 31.5% بالأسعار الجارية-حسب تقديرات صندوق النقد الدولي- وفي الوقت الذي تشهد فيه الموازنة العامة للدولة أكبر تقديرات للنفقات العامة بزيادة تصل نسبتها إلى 25% وبقيمة 117.9 مليار ريال، فإن من المنطقي أن يواكب ذلك زيادة في مقدار المؤشر خلال السنة بما لا يقل 15% وبما لا يقل عن ألف نقطة، ليصل المؤشر معها إلى أكثر من 8000 نقطة.

وقد تحقق في الشهور الثلاثة المنقضية من العام نصف هذا الهدف تقريباً، بوصول المؤشر بالفعل إلى حدود 7500 نقطة. ومن المؤكد أن اختراق حاجزي المقاومة عند مستوى 7500 نقطة وعند 7660 نقطة يستدعي قوة شراء أكبر ربما تفوق ما احتاجه المؤشر لاختراق حاجز 6950 نقطة قبل أسبوعين، وذلك في الوقت الذي سادت فيه بعض المخاوف من حدوث تصحيح مبكر بعد ارتفاع المؤشر بأكثر من 600 نقطة. ومن هنا يبدو ما حدث هذا الأسبوع من كرٍ وفرٍ في قيم المؤشر، ومن تذبذب واضح في قيم التداول صعوداً وهبوطاً، على أنه نتيجة منطقية لحالة الترقب التي تسود بين المتعاملين في مثل هذه الظروف.

والحقيقة أنه مع نهاية شهر مارس تكون معظم الشركات قد أعلنت عن توزيعاتها وعقدت جمعياتها العمومية، وأُعلِنَت تقديرات الموازنة العامة للدولة، ولم يعد هناك على ما يبدو من قوة محركة دافعة تدفع المتعاملين على الشراء بقوة، مما يضع البورصة في واقع الأمر أمام مفترق طرق يأخذنا في أحد اتجاهين:

الأول: أن تستمر حالة التراخي التي شهدها الأسبوع الحالي لمدة أسبوع آخر، وعندها يوقن المتعاملون باستحالة اختراق الحاجز الثاني على وجه الخصوص عند مستوى 7660 نقطة فيحدث انخفاض تصحيحي يعود بالمؤشر ثانية إلى 7265 نقطة،

والثاني: أن تحدث موجة مشتريات قوية على أسهم الشركات القيادية فترتفع أسعارها ويرتفع المؤشر، ساحباً معه أسعار أسهم كثير من الشركات الأخرى، وفي مثل هذا السيناريو يكون بالإمكان اختراق الحاجز الثاني بما يضع المؤشر على أبواب الثمانية آلاف نقطة، قبل أن يحدث الانخفاض التصحيحي.

ورغم حالة الضعف والتذبذب التي سادت السوق هذا الأسبوع، إلا أنني أميل إلى توقع تماسك الأداء في الأسبوع القادم باتجاه حدوث الاختراق للحاجز القوي عند مستوى 7660 نقطة، وأن ما حدث في الأسبوع الحالي قد يكون أرهاصات مرحلة جديدة في أداء البورصة وذلك للأسباب التالية:

1- أن المؤشر تمكن رغم حالة الضعف من تسجيل زيادة بمقدار 58 نقطة بات معها على مرمى حجر واحد من مستوى 7500 نقطة، بما يسهل من اختراق هذا الحاجز خاصة وأن المحاولة الأولى لاختراقه قد نجحت يوم الأربعاء عندما وصل المؤشر إلى مستوى 7518 نقطة قبل تراجعه بقية النهار.

2- أن أسعار أسهم الشركات القيادية قد أنهت الأسبوع عند مستويات مرتفعة ترشحها لمزيد من الارتفاع في الأسبوع القادم إذا ما توافرت لها طلبات الشراء الكافية؛ فالوطني عند مستوى 136 ريال، وصناعات عند مستوى 116.2 ريال، وكيوتيل عند مستوى 153 ريال، والكهرباء عند مستوى 105 ريال، والريان عند مستوى 13.60 ريال والمصرف الإسلامي عند مستوى 80 ريال تقريباً.

3- أن الأجانب سيعودون للشراء ثانية في الغالب بعد أسبوعين من عمليات البيع الصافية، مع ملاحظة أن كمية مبيعاتهم الصافية في الأسبوع الحالي قد تقلصت إلى 11.5 مليون ريال بعد 88 مليون ريال في الأسبوع السابق.

4- أن اقتراب موسم الإعلان عن نتائج الربع الأول من العام 2010 في شهر أبريل يجعل المتعاملين في حالة تحفز لحدوث ارتفاعات في الأسعار إذا ما جاءت النتائج أفضل مما كانت عليه في الربع الأول من العام 2009. ولأن الربع الأول من عام 2009 قد كان سيئاً لكثير من الشركات باعتباره قد جاء في خضم تداعيات الأزمة المالية العالمية، لذا فإنني أتوقع أن تأتي نتائج الربع الأول من العام 2010 أفضل لمعظم الشركات المدرجة في السوق، وإن كانت الاستثناءات دائماً واردة.

ويظل ما تقدم رؤيتي الشخصية لما حدث في السوق في أسبوع مضى وما قد يحدث في اسبوع آت، وهي رؤية تحتمل الصواب والخطأ، والله أعلم.