الإجراءات القانونية الجديدة التي أعلنت عنها وزارتا الداخلية والتنمية الإدارية، في مؤتمر صحافي، يوم الأربعاء الماضي، والتي جرى البدء بتنفيذها بالفعل، هي خطوة إيجابية ومهمة، من حيث أنها تسهل لأبناء المقيمين الالتحاق بسوق العمل، دونما الحاجة لنقل الكفالة. وهذه الخطوة تساعد الأسر المقيمة على زيادة مداخيلها من خلال اشتغال أبنائها. ومن جهة أخرى تكون الشركات في موقف أفضل لإختيار العاملين فيها بدون الدخول في إجراءات نقل الكفالة، ولا تضطرها بالتالي لإستقدام المزيد من العمالة من الخارج. فإذا تبين للشركة أن ابن المقيم لديه الإمكانيات لشغل الوظيفة المطلوبة، فإنها تعمل على تثبيته، أما إذا تبين لها أنه ليس كذلك، فإنها تعمد للإستغناء عنه دون أن يترتب على إنهاء خدماته أي ضرر عليه، ويظل على كفالة أسرته، ولا يكون بالتالي في عجلة من أمره في بحثه عن كفيل جديد. المعروف أن نقل الكفالة يتكلف رسوماً يتم دفعها لإدارة الوافدين، مع الإشارة إلى أن هذه الرسوم تزداد بتعدد مرات نقل الكفالة.
ومن جهة ثالثة فإن هذا القرار الحكيم يقلص الضغوط الواقعة على إدارة الوافدين من حيث تقليل العدد الإجمالي للمتقدمين بطلبات نقل الكفالة سنوياً، ومن ثم، تقليل الجهود المطلوبة من إدارة الوافدين لتوفير هذه الخدمة، وخاصة من حيث العدد اللازم من الموظفين. ومن شأن ذلك أيضاً تخفيف الضغوط على الحركة المرورية داخل مدينة الدوحة من جراء الحاجة لتنقل طالبي نقل الكفالة ذهاباً وإيابا على إدارة الوافدين.
والحقيقة أن الأسر المقيمة في البلاد تتطلع إلى مكرمات أخرى من دولة قطر وأميرها الشاب الكريم في مجالات أخرى، لتسهيل معيشتهم. وقد تحدثت في مقال سابق عن أهمية استقرار رسوم الكهرباء والماء بما يتناسب مع الظروف المعيشية للمقيمين، وعدم زيادتها بين سنة وأخرى بدون مبرر.
وأطرح اليوم قضية أخرى تهم شريحة واسعة من أبناء المقيمين، ألا وهي قضية توفير التعليم للأبناء بتكاليف معقولة. فالمعروف أن أبناء المقيمين الذين لا يعملون في جهات حكومية يتحملون نفقات باهظة في تعليم أبنائهم، في العام والجامعي. وتزيد تكلفة الدراسة للتلميذ في المرحلة الإبتدائية في بعض المدارس عن 20 ألف ريال سنويا. وقد تزايدت هذه التكاليف في العقد الماضي نتيجة اختلال التوازن بين الطلب والعرض على المقاعد الدراسية. الجدير بالذكر أن التعليم كان بالمجان لكافة أبناء المقيمين حتى عام 1989، وقد توقف هذا الأمر بعد ذلك لغير أبناء العاملين في الحكومة نتيجة انخفاض أسعار النفط في تلك الفترة إلى نحو 13 دولاراً للبرميل، مع تزايد أعباء توفير المزيد من المدارس.
ولكن مع تضاعف أعداد المقيمين في العقود الثلاثة التالية حتى عام 2019، أضعافاً مضاعفة، وتضاعف الطلب على المقاعد في المدارس الخاصة، فإن رسوم التعليم قد تضاعفت هي الأخرى مرات عديدة، وبدلأً من تكلفة لا تتجاوز عدة الآف من الريالات فقط للطالب الواحد، إذا بها تقفز منذ سنوات إلى أكثر من 20 ألف ريال، ومن ثم تزايد الأعباء على الأسر التي لديها أعداد أكبر من الأبناء والبنات. وقد استشعرت الحكومة هذا الأمر، وقامت مؤخراً بتخصيص مدارس لذوي الدخل المحدود من غير القطريين، تحت إسم “مدارس إحسان”. كما تتلقى وزارة التربية سنوياً مئات وربما آلاف الطلبات للحصول على مكرمات أميرية للإلتحاق بالمدارس المستقلة من بين غير القادرين.
وتوسع الدولة في توفير خدمات التعليم المجانية للمقيمين، ينسجم مع خصال الكرم التي تتجلى في أزهي صورها في مبادرة الشيخة موزة، ” مؤسسة التعليم فوق الجميع”، التي تركز بشكل أساسي على تمكين 59 مليون طفل خارج المدارس حول العالم من الحصول على حقهم بالتعليم..ومن دعمها للمشاريع التي تدعم التعليم في كافة أنحاء العالم العربي، ومن أبرزها مبادرة صلتك .
وفي موضوع آخر أشير إلى الحاجة الماسة لتطوير المراسلات الحكومية والأخذ بنظام البريد الإلكتروني أو الفاكس بدلاً من استمرار الإعتماد على المراسلين في نقل الرسائل، وهو ما يؤخر البت في المعاملات، ويربك أصحابها في مراجعة الإدارات المختلفة، وتكون النتيجة تأخرهم عن أشغالهم، وزيادة الضغوط على الحركة المرورية، وما يترتب على ذلك من مشاكل تأخير، وحوادث، وتلوث للبيئة.