هل يتحول معدل التضخم إلى رقم سلبي هذا العام؟؟

عاد معدل التضخم في قطر إلى التراجع  في شهر أبريل إلى مستوى 0.6% بعد ارتفاعه لشهر واحد فقط في مارس، إلى مستوى 0.9% وكان قد سجل في الشهور السابقة المستويات التالية: 0.7% في فبراير، و 1.2% في يناير و 1.8% في شهر ديسمبر 2016، و 2% في نوفمبر و 2.2% في أكتوبر. وفي التفاصيل نجد أن انخفاض الرقم الخاص بأسعار  بعض المجموعات ذات الوزن النسبي المهم في الرقم القياسي عما كانت عليه في شهر مارس قد ساهمت  بحدوث  العودة للتراجع في معدل التضخم ومنها؛ انخفاض الرقم الخاص بالسكن والوقود بنسبة 1.5%، وانخفاض  رقم أسعار الغذاء والمشروبات بنسبة (1.3)% ، وانخفاض رقم المطاعم بنسبة 2.7% ، وانخفاض مجموعة التسلية  والترفيه بنسبة 2.6%. 

وتراجع معدل التضخم على هذا النحو عائد إلى أكثر من سبب في مقدمتها  استمرار الارتفاع في سعر صرف الريال المرتبط بالدولار مقابل العملات الرئيسية، مما يسهم في انخفاض أو استقرار  أسعار الواردات  السلعية من مختلف الدول. ومن جهة أخرى أدى تباطؤ النمو السكاني في قطر إلى نصف ما كان عليه في الفترة 2013-2014، إلى إحداث ضغوط على أسعار السوق العقاري بحيث وصلنا إلى فترة سجل فيها الرقم القياسي لمجموعة السكن (مع الوقود)، سالب 1.5%، بعد أن ظل لعدد من السنوات المحرك الأساسي لارتفاع معدل التضخم. وقد كان الوزن النسبي لهذه المجموعة حتى عام 2013 مرتفعا ويعادل 32.2% من إجمالي أوزان الرقم القياسي لأسعار المستهلك، ولكن تم خفض هذا الوزن في النسخة الحالية للرقم القياسي إلى مستوى 21.89%، ولولا ذلك لأدى الإنخفاض الراهن في الرقم الخاص بأسعار مجموعة السكن والوقود إلى تراجع قوي في معدل التضخم، ربما إلى ما دون الصفر.

الجدير بالذكر أنه وفقاً للعدد الصادر عن وزارة التخطيط التنموي والإحصاء عن نهاية شهر أبريل فإن مجمل عدد المتواجدين في قطر  من غير الزائرين قد بلغ نحو  2.675 مليون نسمة، وهو ما يمثل زيادة سنوية عن نهاية أبريل 2016 بنسبة 4.5%، مقارنة بأكثر من 10% في سنوات سابقة.  ومن المتوقع أن يحدث تراجع في عدد السكان مع نهاية شهر يونيو القادم ليس لدواعي فصلية –بسبب موسم الإجازات السنوية فقط-وإنما لاقتران ذلك بانتهاء عقود عمل أعداد من الموظفين في عدد من الجهات والمؤسسات، ومغادرتهم للبلاد. ويتزامن ذلك التراجع مع استمرار زيادة المعروض من الوحدات السكانية بمختلف أنواعها، مما سيضغط أكثر على أسعار الإيجارات، ومن ثم يضغط ذلك نزولاً على معدل التضخم. 

ومن جهة أخرى نجد أسعار النفط العالمية قد عادت لتستقر دون الخمسين دولاراً للبرميل(لنفط الأوبك) بعد 6 شهور من التحسن والإرتفاع فوق 52 دولاراً للبرميل. وهذا الإنخفاض دون الخمسين دولار للبرميل له تأثيره على معدل التضخم من ناحيتين:

الأولى: أنه قد يتسبب في خفاض الرقم الخاص بأسعار الوقود بعد أن كان هذا الأخير يمثل عامل رفع للتضخم في الشهور السابقة، والثانية: أن انخفاض سعر صادرات النفط دون الخمسين دولاراً، يضغط باتجاه استمرار العمل بسياسات ضغط الإنفاق، ومراجعة الأولويات في المرحلة القادمة، وهو ما سيضغط أكثر على معدل التضخم.

ولا يفوتني أن أنوه إلى أن السياسة النقدية تلعب دوراً ضاغطاً أيضاً على معدل التضخم، فإذا كانت البنوك المركزية تلجأ إلى رفع معدلات الفائدة على عملاتها للجم ارتفاع معدلات التضخم في اقتصاداتها، فإن ربط الريال القطري بالدولار، وحتمية رفع معدلات الفائدة عليه-كلما رفع بنك الاحتياط الفيدرالي الفائدة على الدولار- للحفاظ على استقرار سعر صرف الريال، يعمل في الاتجاه المعاكس في موضوع التضخم. ومن هنا فإنه في الوقت الذي سيرفع فيه البنك الأمريكي الفائدة على الدولار مرة أخرى- كما هو متوقع-فإن ذلك سيضغط سلبيا على معدل التضخم في قطر.

وعلى ضوء ما تقدم، نجد أن من غير المستبعد أن يواصل معدل التضخم تراجعه وأن يتحول إلى رقم “سالب” في الشهور القادمة، وهو مؤشر قد يبدو أنه إيجابي وفي صالح المستهلك، ولكنه من ناحية أخرى يشكل دخول الاقتصاد مرحلة إنكماش، قد يؤخر  من حدوثها بعض الشيء استمرار الأعمال الخاصة بتجهيزات البُنية التحتية والتجهيزات المتصلة بمباريات كأس العالم 2022. وقد تتغيرالصورة بعد عام 2017، إذا ما تم تفعيل وتنفيذ مشروع ضريبة القيمة المضافة وغيرها، بحيث يؤدي فرض هذه الضرائب على بعض السلع والخدمات إلى زيادة أسعارها، ومن ثم يساهم في إحداث توازن في الضغوط التي يواجهها معدل التضخم في قطر.