مع اشراقة هذا اليوم يبدأ عام دراسي جديد ، نأمل جميعاً أن يكون عام خير وبركة على أبنائنا وبناتنا وأن يتحقق لهم التفوق الذي يمكنهم من تحقيق آمالهم وطموحاتهم .. ولقد بذلت الحكومة القطرية جهوداً كبيرة في السنوات الأخيرة بتوجيهات من حضرة صاحب السمو الأمير المفدى للارتقاء بالحركة التعليمية في البلاد ، وتمثل ذلك في تطوير مناهج التعليم وبناء المدارس الحديثة والتوسع في تجربة المدارس العلمية .. ومع ذلك ظل حال المدرس غير القطري الذي يشكل عماد العملية التعليمية في كثير من المدارس في تراجع مستمر منذ عام 1994م للأسباب التالية:
1. في عام 1994م تم تخفيض وتجميد رواتب كبار المدرسين عند مسوى 3750 ريال ، وأصبحت التعيينات الجديدة تتم لرواتب مقطوعة فئة 2950 ريال. ورغم الزيادات التي طرأت على الأسعار في السنوات الثماني الأخيرة إلا ان تلك الرواتب ظلت على حالها بدون تغيير.
2. إن صندوق التقاعد الذي كان يشكل عنصر أمان لجميع العاملين في الوزارة في حالتي الوفاة أو الاستقالة ، قد انهار وأعيد تنظيمه بطريقة تجعله أقل مردوداً.
3. أن تكاليف المعيشة لغير القطريين قد ارتفعت في البلاد بعد فرض رسوم جديدة على التعليم الجامعي والصحة والاقامة ، وبعد رفع رسوم المخالفات المرورية ، ونتيجة لتكاليف الاتصالات المستحدثة كالجوال والكيبل والانترنت.
4. إن الدروس الخصوصية التي كانت تمثل مصدر دخل اضافي للمدرس قد حوربت بشدة ، وتحجمت في صورة دروس للتقوية داخل المدارس بمردود أقل.
5. أن البعض من المدرسين قد وضع مدخراته لدى بعض شركات الاستثمار للانتفاع من عوائدها المرتفعة في تعويض الدخل المتناقص فكان أن أفلست تلك الشركات وضاعت معها المدخرات.
وقد واجه المدرسون من فئة كبار الموظفين – أي الذين يقطنون مساكن حكومية – مشكلة جديدة مع مطلع هذا الصيف تمثلت في مطالبة مؤسسة الكهرباء والماء لهم بضرورة دفع التأمين الواجب على كل منزل والبالغ 2000 ريال ، اضافة إلى دفع قيمة الاستهلاك بالكامل دون خصم الاعفاء المقرر قانوناً والذي يتراوح ما بين 350 – 400 ريال شهرياً .. ولقد كان من المتصور أن تتم معالجة المشكلة بين مؤسسة الكهرباء والماء ووزارة التربية والتعليم بحيث تتولى الوزارة دفع مبلغ التأمين نيابة عن المدرسين (كما فعلت جهات عمل أخرى) وهو في كل الأحوال لا يزيد عن عدة ملايين من الريالات ، وأن تتولى التربية بالتنسيق مع وزارة المالية صرف علاوة كهرباء وماء للمدرسين بدل الاعفاء المستقطع .. إلا أن شيئاً من هذا لم يحدث رغم تردد الاشاعات بوجود خطط للتعويض على النحو المذكور.
ومع عودة المدرسين من الاجازات بدأت مؤسسة الكهرباء مسلسل قطع التيار عن المساكن المتخلفة عن الدفع ، واضطر البعض منهم إلى الدفع ولو بالتقسيط على دفعات بانتظار تدخل وزارة التربية.
إن سنوات التقشف المالي قد ولت إلى غير رجعة وأصبحت الموازنة العامة تحقق فائضاً مالياً كبيراً ولم تعد هناك حاجة بالتالي إلى مزيد من الضغط على رواتب المدرسين الذين هم حجر الأساس في بناء النهضة التعليمية المنشودة ، بل إن المطلوب في هذه المرحلة هو اعادة النظر في كادر الرواتب والامتيازات الممنوحة للمدرسين بما يحقق لهم الاطمئنان في حياتهم ويدفعهم لبذل أقصى ما عندهم من جهد وطاقة لخدمة العملية التعليمية. ثم إن الكادر الحالي للرواتب لا يحقق العدالة بين المدرسين ويساوي بين المجدين والمتقاعسين مما يدفع إلى الاحباط وعدم الرغبة في التجديد والابتكار وهو ما يجعل الحصيلة التعليمية في حالة تراجع رغم ما تنفقه الدولة من مئات الملايين من الريالات على بناء المدارس وتطوير المناهج.