كان 11 سبتمبر 2001م يوماً أسوداً في تاريخ العالم ، وإذا كان أسامة بن لادن قد رأى فيه يوماً قسم العالم إلى فسطاط للخير وآخر للشر ، فإن غلاة اليمين في الادارة الأمريكية قد رأوا ما حدث ذريعة كي يصب أهل الشر جام غضبهم ونقمتهم على أهل الخير ، مع التسليم بأن للادارة الأمريكية رؤية مخالفة في تعريف الشر وترى أنه ينطلق من بلاد المسلمين وأن له محاور ثلاث بعد أفغانستان هي العراق وإيران ، وكوريا التي تمدهم بوسائل الدمار ..
ولقد خسر المسلمون الكثير في سنة واحدة بعد أحداث نيويورك وواشنطن، وسأذكر في عجاله بعضاً من خسائرنا الجسيمة ..
1. في فلسطين أطلقت حكومة شارون العنان لجبروتها وظلمها فعاثت في مدن الضفة الغربية وغزة فساداً،فدمرت البيوت وجرفت الأراضي والمزارع،وحرقت المصانع ، ونهبت المتاجر وقتلت المئات واعتقلت الآلاف بذريعة محاربة الارهاب الفلسطيني،وأعادت احتلال مدن الضفة وحصار قطاع غزة .. وكان من نتيجة ذلك كله أن أصاب الشلل مرافق الحياة الاقتصادية في فلسطين ، وخسر الاقتصاد الفلسطيني في سنة واحدة ما يزيد عن عشرة بليون دولار .. وهو مبلغ ضخم لا تعوضه كافة المساعدات العربية والأجنبية التي تصل إلى هناك عبر قنوات مختلفة ..
2. أن الادارة الأمريكية قد شرعت لنفسها تجميد أموال الجمعيات الخيرية الاسلامية والعربية في البنوك الأمريكية ، بل وامتد الجبروت الأمريكي إلى حد فرض التجميد على كافة بنوك العالم بقرارات من الأمم المتحدة .. ولم ينته الأمر عند هذا الحد بل وصل إلى مرحلة طالب فيها بعض المتطرفين في الولايات المتحدة بتعويضات مالية عن أحداث سبتمبر تصل إلى مئات المليارات من الدولارات تدفعها السعودية وبعض الدول العربية بحجة أنها كانت داعمة لأسامة بن لادن وتنظيم القاعدة ..
3. أن العراق بات اليوم مهدداً في المرحلة الثانية من حرب الإدارة الأمريكية على الإرهاب ، ورغم المعارضة العالمية الواسعة لمثل هذا الهجوم المحتمل ، إلا أن طبول الحرب قد دقت في واشنطن ، ولن ترجع الإدارة الأمريكية عن مخططاتها الهادفة لإسقاط نظام صدام حسين ، ليس لأنه خطر عليها وعلى إسرائيل في الحاضر والمستقبل ، ولكن لأن الإدارة الأمريكية تطمع في بسط نفوذها على ثروات العراق النفطية الهائلة ، ولكي تعيد رسم الخارطة السياسية في المنطقة من جديد بما يحافظ على تلك السيطرة وبما يعزز من مكانتها كأكبر قوة عالمية لا ينازعها فيها أحد ، وإذا ما تحقق لها ذلك ، فسوف يأتي يوم ينتج فيه العراق خمسة أو ستة مليون برميل يومياً ، وتنخفض أسعار النفط إلى عشرة دولارات للبرميل.
4. إن العالم العربي قد تحول من صاحب حق ومطالب بحقوقه المغتصبة في فلسطين إلى كيانات خائفة ومتقوقعة ومطالبة بإثبات براءتها من تهمة المشاركة في دعم الإرهاب والإرهابيين. وفي ظل هذه الأجواء ، لم يعد أحد يسمع باحتجاج الشارع العربي والإسلامي على المذابح اليومية وعمليات القصف والتخريب والتدمير والترحيل التي تجري في فلسطين رغم بشاعتها وقسوتها ومخالفتها لكل الأعراف والقوانين المتصلة بحقوق الإنسان.
5. إن العرب والمسلمين في الولايات المتحدة خاصة ، وبعض الدول الغربية قد أصبحوا متهمين في ولاءاتهم ، ومراقبين في تحركاتهم ، ومحاربين في أرزاقهم.
6. إن دعوى الطائفية قد كشرت عن أنيابها ضد المسلمين في كشمير والباكستان ، ووظفت الأحداث لجهة تصوير المجاهدين المطالبين بالاستقلال ، بالارهاب.
هذه حصيلة ما جرى بعد عام واحد من أحداث 11 سبتمبر ، فكيف يكون الحال لو تمكن تنظيم القاعدة من تنفيذ هجوم آخر على المصالح الأمريكية؟