البلدية والمعايير الملائمة للشقق السكنية

البحث عن شقة مناسبة في مدينة الدوحة لا يقل صعوبة عن البحث عن وظيفة مناسبة ، فإذا كان خريج الجامعة يقبل بوظيفة يتراوح راتبها بين 3000 – 5000 ريال شهرياً ، فإنه بحاجة إلى زوجة موظفة في الغالب كي تعينه على استئجار شقة في حدود 2000 ريال شهرياً.
المعروف أن متوسط الانفاق على السكن وملحقاته يشكل 25% من ميزانية الأسرة .. ولقد ارتفعت إيجارات العقارات في عام 2002 بما نسبته 13 بالمائة في المتوسط ، ومع ذلك لم تكن تلك المشكلة الوحيدة في موضوع استئجار شقة ، وإنما إمكانية الحصول على شقة مناسبة سواء من حيث مساحة الشقة أو موقعها في أحياء الدوحة ، وفي مدى قربها أو بعدها من الخدمات الأساسية ، فضلاً عما إذا كانت الشقة في عمارة جديدة أم قديمة ، وإذا كانت قديمة .. هل بقيت على حالها أما أُعيد ترميمها.
وإذا كانت الشقق القديمة المبنية في سنوات الثمانينيات تتميز باتساع مساحاتها نسبياً ، فإن الظاهرة الجديدة في العمارات السكنية هذه الأيام هي في ضيق مساحتها بحيث لا يزيد مساحة الشقة الواحدة في كثير من الأحيان عن 100 متر مربع ، مع صغر مساحة غرف النوم إلى مستوى غير معقول. وإذا كان ذلك الأمر مقبولاً إلى حد ما في شقق العزاب ، فإنه ليس كذلك في حالة الشقق العائلية التي يُفترض فيها وجود مساحة كافية بين الغرف لحركة الأطفال ولعبهم ، مع اتساع غرف النوم بما لا يقل عن 16 متراً مربعاً. ولقد وصل الأمر ببعض الباحثين عن شقة جديدة هذه الأيام إلى تفضيل السكنى في شقة قديمة أُعيد ترميمها بدلاً من القبول بشقق جديدة ومساحات أقل.
إن من المسلم به منذ ما يزيد عن عام أن الاستثمار في مجال العقارات هو أحد أفضل الاستثمارات وأكثرها أماناً ، ويحظى لذلك بإقبال عدد متزايد من المستثمرين عليه ، ولكن يجب ألا يكون العائد المادي السريع هو الفيصل في موضوع الاستثمار العقاري ، ولابد من وضع معايير مقبولة عند منح تراخيص البناء للعمارات السكنية ، وخاصة في ما يتعلق بمساحات الغرف حتى لا تكون العمارات الجديدة مجرد كتل خرسانة قليلة الفائدة سرعان ما يهجرها ساكنوها عند أول ارتفاع في مستويات دخولهم.وإن الإهتمام بالمعايير الملائمة للشقق السكنية لا ينبع من الحرص على راحة المستأجر فقط وإنما هو لمصلحة المؤجر في الأجل الطويل إذا ما أخذنا بعين الإعتبار استقرار تأجير الشقة وعدم تعرضها للإخلاء المتكرر ما بين سنة وأخرى .وإذا ما تلاقت مصلحة الموجر والمستأجر معاً فإن ذلك يكون في صالح الوطن .
إن على البلدية أن تضع المعايير المناسبة لهذا الموضوع مثلما تضع كل الجهات الحكومية معايير مناسبة للأمن والسلامة في مواصفات السلع والخدمات المختلفة ، وعلى سبيل المثال إذا كان طلب الرخصة يحتوي على بناء 6 شقق بواقع 3 في كل طابق ، فقد يكون من الأجدى والأنسب التصريح ببناء الست شقق على ثلاثة طوابق لإعطاء كل منها مساحة أكبر ، أو التصريح ببناء أربع شقق فقط على طابقين.
وقد يكون من الضروري التوصية أيضاً بأن يخضع نشاط تأجير الشقق لإشراف البلدية ، بحيث يتم التأكير على إعادة ترميم الشقق القديمة قبل إعادة تأجيرها بما في ذلك بياض الشقة أو إصلاح أنابيب المياه والمرافق الصحية فيها ، فضلاً عن عمليات الصيانة الأخرى للأسقف والجدران.