الدوافع الاقتصادية للحرب المنتظرة

مالم تحدت معجزة من السماء في آخر لحظة ، فإن الحرب الأمريكية المديرة ضد العراق قادمة لا محالة وفي موعد لا يتجاوز نهاية شهر فبراير الحالي على أبعد تقدير ، وسيكون لهذه الحرب تأثيرات سيئة على الاقتصاد الأمريكي الذي يعاني حالياً من حالة من الوهن والضعف ، فإذا ما تأخرت الحرب عن شهر فبراير لأي سبب ، فإن تكاليفها المادية والبشرية سوف تتضاعف وقد تكون النتائج مدمرة إذا ما تمكن العراق من الصمود لوقت أطول ، مما قدرته إدارة الحرب الأمريكية ولو نظرنا إلى معطيات الاقتصادي الأمريكي في الوقت الحاضر كما تصورها الأرقام فإننا سنجد الآتي :
1. أن معدل النمو في الربع الرابع من عام 2002م قد انخفض إلى مستوى 0.7% على معدل سنوي.
2. أن العجز التجاري الأمريكي كان في حالة ارتفاع مضطرد في عام 2002م ليصل في شهر نوفمبر الماضي إلى مستوى قياسي جديد هو 40 مليار دولار وليقترب العجز في عام 2002م ككل من مستوى 400 مليار دولار.
3. إن معدل البطالة كان حتى شهر ديسمبر عند مستوى 6% وهو أعلى معدل في السنوات الستة الماضية ، وقد فقد نحو 1.8 مليون شخص وظائفهم في الولايات المتحدة في العامين الأخيرين.
4. أن الموازنة العامة الأمريكية قد عادت لتسجيل عجوزات ضخمة يقدر أن تصل إلى نحو 304 بليون دولار في السنة الحالية وأن ترتفع إلى أكثر من 307 بليون دولار في العام القادم مقارنة بالفائض المالي الذي تحقق في السنوات الأخيرة من حكم كلينتون . وتخطط الادارة الأمريكية لزيادة إنفاقها على القوات المسلحة بنسبة 33% في السنوات الستة القادمة ، وأن ترتفع تلك النفقات في السنة القادمة بمفردها إلى مستوى 379.9 بليون دولار.
5. أن ثقة الأعمال لا تزال متدنية بسبب تراجع أرباح الشركات ووجود فائض في الطاقات الانتاجية وتردد المستثمرين من التوسع في الأعمال بسبب أجواء الحرب الحالية.
6. أن أسعار الأسهم الأمريكية قد انخفضت إلى أدنى مستوياتها في السنوات الثلاث الأخيرة.
7. أن أسعار النفط المرتفعة والتي تزيد عن 32 دولار للبرميل تمثل مخاطر إضافية على الاقتصاد الأمريكي وخاصة إذا ما خرجت تلك الأسعار عن السيطرة لأي سبب أثناء العمليات العسكرية المنتظرة.
ورغم حالة الضعف التي تنتاب الاقتصاد الأمريكي حالياً ، فإن الادارة الأمريكية مصممة على المضي قدماً في حربها ضد العراق متحملة في ذلك مخاطر عديدة طالما أن ذلك سيدشن ولادة الأمبراطورية الأمريكية المهيمنة والمسيطرة على منابع النفط واحتياطياته الضخمة في العراق والكويت وما جاورهما .. وقد تكون ولادة هذه الامبراطورية عسيرة بعض الشيء في وجه رفض عالمي وشعبي لها ، إلا أن الادارة الأمريكية لا ترى إمكانية أخرى لولادة الامبراطورية بدون سيناريو الحرب .. وهي تعتقد بأن انتعاش الاقتصاد الأمريكي لسنوات طويلة قادمة لن يتحقق بدون المنافع التي ستجنيها الولايات المتحدة من انتصارها في هذه الحرب. ومع ذلك فإن ولادة الامبراطورية الأمريكية سيكون حافزاً للأوروبيين لاتمام وحدتهم وإعلان امبراطوريتهم القوية خاصةً إذا ما تهددت مصالح الأوروبيين من الهيمنة الأمريكية. وقد تصبح تلك الامبراطورية أكثر قوة من الامبراطورية الأمريكية إذا ما انضمنت إليها مستقبلاً روسيا بكل ثقلها السكاني والاقتصادي والعسكري.