النتائج الاقتصادية للحرب الأمريكية ضد العراق

تحدثت في المتابعة السابقة عن الدوافع الاقتصادية للحرب المعلنة على العراق والتي تلخصت في رغبة الادارة الأمريكية في تحقيق إنجازات عاجله تنعش الاقتصاد الأمريكي المتباطئ في السنة التي تسبق الانتخابات الرئاسية لعام 2004م ، مع ضمان إمدادات الطاقة الأمريكية بشكل مستقر ودائم في الأجل الطويل .. ونتحدث اليوم عن التأثيرات الاقتصادية المحتملة لقيام حرب ضد العراق خلال شهر مارس على أبعد تقدير ، وأول ما يخطر بالبال هو حجم الدمار الهائل الذي سيلحق بالمنشآت الاقتصادية في العراق أو في بُنيته الأساسية وهو ما سيحتاج في إصلاحه بعد ذلك إلى مئات المليارات من الدولارات .. ويتوقف حجم الدمار على مدى المقاومة التي سيبديها العراقيون في مواجهة الغزو الأمريكي ومدى الخسائر التي ستلحق بالقوات الأمريكية عند دخولها للأراضي العراقية ، وربما أثناء تواجدها في مناطق الجوار القريبة في الكويت وتركيا والأردن.
وتتردد أسئلة كثيرة عما إذا كان لدى العراقيين مفاجآت غير سارة للأمريكان في هذا المجال ، سواء باحتمال أخذهم عنصر المبادرة في القتال إذا ما استشعر العراقيون بأن الهجمة الأمريكية قادمة لا محالة ، أو أن يكون لديهم خططاً لحرق الأرض تحت الأمريكان بإشعال الحرائق في مياه الخليج وفي آبار النفط ، أو باستخدام العمليات الاستشهادية في إعاقة تقدم القوات المهاجمة ..
وإذا ما قُدر لهذه الحرب أن تقوم ، وعلى افتراض أن الادارة الأمريكية ستنجح في مسعاها لإطاحة نظام الحكم في بغداد ، فإن ذلك سيطرح على الفور السؤال عمن سيتحمل تكاليف هذه الحرب التي قدرها الأمريكان أنفسهم بما لا يقل عن 100 مليار دولار ؟؟ وإذا استمرت المقاومة العراقية ضد القوات الأمريكية على نحو ما هو حاصل في أفغانستان ، أو ربما بأشد من ذلك .. فكيف تستطيع الادارة الأمريكية تحقيق طموحاتها في المنطقة دون خسائر بشرية ومادية هائلة ؟
إن الحرب الأمريكية على أفغانستان في عام 2001م ، وعلى الكويت في عام 1991م كانتا أسهل بكثير من حربها القادمة على العراق عام 2003م لاختلاف الظروف القائمة في كل حالة .. ويزداد الأمر تعقيداً إذا ما فقدت هذه الحرب مبررها بفشل المفتشين في اثبات تورط العراق في موضوع أسلحة الدمار الشامل ، وهو ما سيدعم الأوروبيين في موقفهم الرافض للحرب ، ويزيد بالتالي من شراسة الأمريكيين لإنهاء الموقعة في أيام كما قال وزير الدفاع الأمريكي مهما كانت الخسائر.
إن على العرب أن يعلنوا مواقف أكثر جُرأةً وصراحةً في رفض هذه الحرب حتى لا يفاجئوا بأن عليهم بعد ذلك المشاركة في تسديد فواتيرها ، سواء في صورة مدفوعات مباشرة للادارة الأمريكية أو في تحمل الخسائر الهائلة التي ستصيب اقتصاديات دول المنطقة من جراء تلك الحرب المدمرة .. فالتلوث في مياه الخليج يضر بالحياة البشرية والاقتصادية لسكان المنطقة من الكويت شمالاً حتى عُمان جنوباً ، وتعطل خطوط التجارة في المنطقة أثناء الحرب يرفع أسعار السلع ويضر بالمنتجين والمستهلكين على السواء ..وتوقف الرحلات الجوية أو تقليصها وارتفاع تكاليف الشحن والتأمين ، وتراجع أسـعار الأسـهم .. كل ذلك يؤثر سلباً على اقتصاديات المنطقة في حالة نشوب الحرب ضد العراق ..
ولذلك كله ندعو الله مخلصين أن يرفع عنا وعن أمتنا البلاء والمحن ، وندعوه صادقين أن يُلهم الزعماء العرب لعمل شيء من أجل منع هذه المصيبة قبل وقوعها.

كل عام وأنتم بخير.