ادفع دولاراً تطهر قدساً

ما يجري اليوم من احداث في المنطقة هو تعبير حي وتجسيد دقيق لمقولة ان العملية السلمية التي بدأت في اوسلو قد وصلت الي طريق مسدود وان رئيس الوزراء الاسرائيلي الذي فشل في الحصول علي مزيد من التنازلات في قضايا المرحلة النهائية قد فرغ صبره وطار عقله وادرك ان نهايته السياسية باتت وشيكة:

فهو الذي اجري انسحابا مهينا ومهزوما في لبنان علي امل ان يضغط ذلك علي سوريا لتقبل بالانضمام الي قطار السلام المتعثر.. ولكن ظلت سوريا علي عنادها واصرارها وتمسكها بالثوابت..

وهو الذي اوحي باستعداده لتقديم تنازلات شكلية للفلسطينيين فيما يتعلق بالدولة واللاجئين وبعض الاشراف علي اجزاء من البلدة القديمة في القدس.. فكان التمسك الفلسطيني بالثوابت ضربة لآمال باراك في انتزاع استسلام رخيص ينهي الصراع العربي الاسرائيلي ويدخله التاريخ الاسرائيلي كبطل للحرب والسلام..

وبعد ان تخلي عنه وزير خارجيته وحزب شاس أيقن ان النهاية قد اقتربت خاصة اذا ما نفذت القيادة الفلسطينية تهديدها بإعلان الدولة قبل نهاية العام الحالي من طرف واحد. من هنا قرر باراك ان يغازل الليكود وان يرفع عن وجهه قناع السلام الزائف فأرسل شارون ليدنس المسجد الاقصي واعطي اوامره لقواته بالتقدم الي المدن الفلسطينية لتحاصر وتدمر وتقتل.. وقد قصد بفعلته هذه ان يكون بذلك قد استرد اعتباره امام الاسرائيليين كمجرم حرب جدير بقيادة دولتهم العنصرية، او علي الاقل ان يحظي بقبول الليكود للائتلاف معه من اجل البقاء في الحكم حتي نهاية ولايته..

ولقد كان الرد الفلسطيني قويا وشجاعا فلم ترهب جماهيرنا البطلة رصاصات العدو القاتلة ولا صواريخه الحارقة وانطلقت بقوة لتعلن رفضها واصرارها علي التمسك بالقدس غير عابئة بشلال الدم الذي تفجر علي ترابنا الوطني.. وكان ذلك من شعبنا منتهي الوعي والادراك لما تتطلبه هذه المرحلة من تضحيات وصمود..

وكانت المؤازرة القوية من جانب اهلنا داخل الخط الاخضر في قري ومدن الجليل والمثلث مفاجأة مذهلة لباراك وحكومته بقدر ما هي تعبير عن ادراك اهل الداخل لواجبهم النضالي وتلاحمهم مع بقية الشعب الفلسطيني في المطالبة بالحقوق المشروعة.

ثم كانت المساندة الفاعلة والصادقة من الجماهير العربية والاسلامية التي خرجت في كل مكان لكي تعلن التأييد والمباركة والدعم اللا محدود لانتفاضة الاقصي الجديدة، وكان ذلك ايضا ادراكا من الجماهير العربية والاسلامية لأهمية الدور المطلوب منها في هذه المرحلة حتي لا تنطفيء شعلة النضال في الداخل.

ان علي العرب والمسلمين الا يبخلوا بالغالي والنفيس في هذه المرحلة من اجل دعم صمود المناضلين في الداخل وقد أحسن البنك العربي بتنظيمه لتبرعات محايدة من اجل ضمان وصولها الي مستحقيها في كل مكان:

فالشهداء بحاجة الي من يتكفل أسرهم ويواسيهم.

والجرحي بحاجة الي من يداويهم ويعينهم.

والمتعطلون بحاجة الي من يعيلهم ويغنيهم.

والمستشفيات بحاجة الي من يوفر لها المستلزمات.

والصامدون المتمسكون بأرضهم بحاجة الي من يساعدهم علي التمسك بها والبقاء عليهم رغم الإتاوات والضرائب الباهظة للعدو.

والذين تتهدم بيوتهم بنيران الصواريخ بحاجة الي من يعيد بناءها.

والسلطة الفلسطينية بحاجة الي من يقدم لها الدعم المالي حتي لا تركع تحت ضغط وقف المساعدات الاميركية عنها.

إن الخروج في مظاهرات واحتجاجات في العواصم العربية والاسلامية امر مطلوب لكي يعلم باراك وكلينتون حجم المساندة الحقيقية التي يحظي بها الفلسطينيون في نضالهم العادل.. ولكن الاهم من ذلك ان تتحرك المنظمات والجمعيات والحكومات لجمع تبرعات ومساهمات منتظمة كي تستمر جذوة النضال ملتهبة ومشتعلة.. لقد بدأت المنظمات الصهيونية جهودها في اوائل القرن الحالي تحت شعار ادفع دولارا تقتل عربيا .. وليكن شعارنا اليوم ادفع دولارا كي تطهر ارضا.

او ادفع دولارا كي تطهر قدسا

ولا ننسي أنَّ من جهز غازيا فقد غزا

و ان الله في عون العبد ما دام العبد في عون اخيه .

صدق الرسول الكريم

ثم.. ان الله لا يغير ما بقوم حتي يغيروا ما بأنفسهم

صدق الله العظيم