منذ ان تفجرت انتفاضة الاقصي والحديث عن المقاطعة الشعبية للبضائع الاسرائيلية والاميركية يتصاعد بشكل غير مسبوق ويأخذ اشكالا متعددة سواء في المقالات علي صفحات الجرائد او في الخطب من علي منابر المساجد.
وفي الندوات المغلقة في الفنادق او في الحوارات والمناظرات الاذاعية والتلفزيونية.. وقد اخذت جمعيات علي عاتقها تحديد اسماء السلع الواجب مقاطعتها لتنبيه الناس وتذكيرهم بعدم التساهل او التراخي في هذا الموضوع وتلا ذلك ان انتشرت بطريق الفاكس قوائم بتلك السلع وبات الناس يوزعونها علي بعضهم البعض باعتبار ان ذلك واجب وطني تجب المشاركة فيه علي الجميع بدون استثناء وجاءت احدث خطوة في اتجاه تصعيد المقاطعة الشعبية من تلك الفتوي التي صدرت عن فضيلة الشيخ الدكتور يوسف القرضاوي بتحريم التعامل مع السلع والخدمات الاسرائيلية والاميركية وهي الفتوي التي رأت ان هذا الامر هو فرض عين علي كل مسلم غيور علي مقدساته.. واحسب ان موضوع المقاطعة سوف يظل يتصاعد في الايام والاسابيع والشهور المقبلة طالما ظلت انتفاضة الاقصي مشتعلة ومتوهجة..
واذا كنا ننظر الي المقاطعة باعتبارها احد الاسلحة المهمه في مقاومتنا للمشروع الصهيوني الهادف للاستيلاء علي القدس بكاملها،فإن هذه المقاطعة تحتاج الي ادارة فاعلة من جانب هيئة عليا علي مستوي العالمين العربي والاسلامي لضمان توجيه فعاليات المقاطعة بما يضمن نجاحها ويعظم من تأثيرها علي المصالح الاسرائيلية والاميركية وبما يقلل من تأثيراتها السلبية علي المصالح العربية والاسلامية.. واول خطوة في نجاح المقاطعة هو ضرورة المشاركة الواسعة فيها وذلك يتأتي من اقتناع الناس بجدواها ومثل هذا الاقتناع يتحقق من وجود الهيئة العليا المقترحة واللجان المنبثقة عنها التي ستعمل مافي وسعها لتحديد السلع المقاطعة وبيان التأثير المتحقق من المقاطعة علي الشركات الاميركية والاسرائيلية واصدار نشرات دورية بما يتم انجازه في هذا المجال والعمل علي مواصلة التوعية للجماهير بكافة الوسائل المتاحة في المساجد والصحف والقنوات التلفزيونية وفي الندوات واللقاءات.
ثم ان علي الهيئة العليا دراسة برنامج المقاطعة جيدا وطرحه للناس بشكل متدرج فمن غير المعقول ان نقاطع كل السلع الاميركية مرة واحدة دون ان نصيب مصالحنا بالضرر الجسيم.. فهنالك العشرات والمئات من السلع والخدمات التي نحتاجها في حياتنا اليومية ولانستطيع التوقف عنها مرة واحدة ومن ذلك علي سبيل المثال: قطع غيار السيارات الاميركية ..فالذي لديه سيارة اميركية لن يحرقها او يرميها في البحر وهو بحاجة الي قطع غيار لها كي يحافظ علي سلامتها وسلامته والمريض الذي يتناول ادوية اميركية لن يستطيع التوقف عنها قبل ان يكتب له الطبيب ادوية بديلة والمصانع التي تجهزت بالآت ومعدات اميركية او تقوم علي استخدام سلع وسيطة اميركية لايمكن توقيفها وتسريح عمالها بل ان الواجب يقتضي لاستمرار عملها ان نستمر في استيراد ما تحتاجه في قطع غيار ومواد خام او وسيطة لحين ايجاد البدائل.
باختصار ان علي الهيئة العليا للمقاطعة ان تحدد للناس السلع والخدمات التي يمكن مقاطعتها فورا لوجود بدائل محلية في كل بلد عربي واسلامي او من انتاج دول اخري وتعلنها للناس في نشرتها الاسبوعية او الشهرية وعلي صفحات الانترنت وتركز علي مقاطعتها في كل وسائل الاعلام المتاحة.. ثم ان علي الهيئة بعد ذلك ان تعد لقائمة اخري وتحذر التجار والمتعاملين فيها ان هذه السلع ستكون مقاطعة في المرحلة التالية وعليهم التخلص مما لديهم من مخزونات والبحث عن سلع بديله مناسبة غير اميركية.
ان علينا التفريق بين السلع المستوردة مباشرة من الولايات المتحدة والتي يمكن الاستغناء عنها فورا وبين السلع الاميركية المصنعه في بلدان اخري والتي من بينها بلدان عربية واسلامية فهذه السلع الاخيرة تكون القيمة المضافة فيها خارج الولايات المتحدة عالية جدا.. وفي حالة كون المنتج في بلد عربي او مسلم فإن ذلك يعني ان الاف العمال العرب والمسلمين يعملون في تلك الصناعات ومن المجحف تهديدهم في ارزاقهم.
لذلك نؤكد مرة اخري علي اهمية التخطيط في موضوع المقاطعة حتي لايكون الامر مجرد فورة عاطفية سرعان ما تنتهي مثلما انتهت في السابق وللحديث بقيه.