الإرهاب الاقتصادي هو عنوان المرحلة الراهنة التي نعيشها، وإذا كان الارهاب قد أصاب الاقتصاد الأمريكي بضربات موجعة بتدمير مركز التجارة العالمي في نيويورك وما نتج عن ذلك من تداعيات تنذر بدخول الاقتصاد الأمريكي في ركود قد لا يخرج منه قبل أن يتحول إلى كساد، فإن الشعب الفلسطيني بأسره يتعرض منذ سنوات إلى إرهاب اقتصادي منظم ودائم في صورة حصار وقصف ودمار لكافة قطاعات الاقتصاد الفلسطيني وفعالياته، دون أن يجرؤ العالم على وصف ذلك بالإرهاب، إذ عادة مايوصف في المحافل الدولية والمباحثات الرسمية بالصراع الفلسطيني – الإسرائيلي أو بالعنف المتبادل بين الشعبين!!
ولقد تطور الإرهاب الاسرائيلي في الســنوات الماضية ليصل ذروته بوصول شارون إلى سدة الـحكم وانتقاله في المواجهة مع الشعب الفلسطيني إلى مرحلة قطع الطرق بين المناطق واحتلال المدن بالدبابات وتدمير البنىالتحتية وتجريف الأراضي الزراعية، ورغم بشاعة ما يحدث وقسوته فإن العالم من حولنا يكاد لا يدرك هول ما يجري في الأراضـي المــحتلة أو ربما يـكون قد تعود على تلك المشاهد اليومية المصنفة على أنها أعمال عنف متبادلة بين الإسرائيليين الفلسطينيين، فلم يعد يكترث إن طالت تلك الممارسات أو قصرت، طالما أن السياسة الإعلامية الإسرائيلية تؤكد ليل نهار أن عملياتها لن تطول وأنها ستسحب قواتها خلال أيام قليلة.. وغالباً ما يتم الانسحاب ليتبعه اجتياح جديد أشد قسوة وضراوة0
ان تركيع الشعب الفلسطيني لدفعه الى الاستسلام يبدأ من تجويعه وهدم كيانه الاقتصادي، ومن هنا يعمد جيش الاحتلال الى سياسة النفس الطويل في ضرب الفلسطينين حتى لا يضطر الى الدخول في مواجهة دموية شاملة تكون نتائجها عكسية.
وازاء هذا الوضع الخطير لا بد من سياسة اعلامية عربية واضحة لفضح ممارسات اسرائيل وارهابها الاقتصادي ومخططاتها التدميرية، ولن يتم ذلك الا من خلال انشاء محطة فضاء متخصصة تبث للعالم برامج اخبارية بلغات أجنبية في قناة أو عدة قنوات.. واذا كان هذا الأمر يتكلف الشىء الكثير، فان البديل
لذلك هو في استغلال ساعات البث المتأخرة في كافة القنوات العربية للقيام بهذه المهمة..وعلى سبيل المثال أقترح أن تقوم القنوات الفضائية العربية أو بعضها بالتحول الى قنوات باللغات الأجنبية بعد منتصف الليل وحتى الساعة السادسة أو السابعة من صباح اليوم التالي.. ففي هذه الساعات يكون البث موجهاً في الغالب للجاليات العربية في أوروبا الغربية والأمريكتين وأستراليا.. وهذه الجاليات لا تمانع في استقبال البث
أو جزء منه باللغات الأخرى، بشرط ألا تكون المادة أفلاماً أو مسلسلات وبرامج تسلية، وانما برامج اخبارية ووثائقية وحوارات هادفة تستضيف رجال الفكر والسياسة في الغرب لمناقشتهم في قضايا الساعة.
ان هذا التحول لن يكلف الشى الكثير، ولكن فوائده جمة وعظيمة في تنوير العالم واستمالته لقضايانا العادلة.
واحسب أن قناة الجزيرة مرشحة للعب دور هام في هذا المجال، خاصة في ضوء الشهره العالمية التي اكتسبتها في سنوات عمرها الخمس وما يتميز به عملها من حرفية ممتازة ومصداقية كبيرة.
وقد يفتح الله على الجزيرة برزق وفير إذا ما إنهالت عليها الاعلانات من الشركات الاجنبية بعد نجاحها في إستقطاب مئات الملايين من المشاهدين غير العرب على إمتداد العالم.. وعندها ستسارع القنوات العربية الاخرى إلى تقليدها مثلما حدث على صعيد التغطيات الاخبارية باللغة العربية.