السؤال الذي يشغل بال وزراء نفط الأوبك هذه الأيام , وهو ما إذا كان عليهم اتخاذ قرار جديد بخفض الانتاج لوقف تدهور الأسعار طبقاً لما تنص عليه الاستراتيجية , أم أن الظروف الاستثنائية التي يعيشها العالم تستدعي خلاف ذلك.
ووفقاً للاسترتيجية المعلنة للأوبك فإن انخفاض أسعار النفط دون مستوى 22 دولاراً للبرميل لمدة 20 يوم عمل متصلة, يقتضي خفض الانتاج بواقع 500 ألف ب/ي ، ويكاد هذا الشرط يتحقق اذا ما استمرت الأسعار (ونعني بذلك السعر المتوسط لسلة خامات الأوبك) منخفضة دون المستوى المشار اليه حتى يوم الجمعة 19 أكتوبر 2001.
والذين يدفعون الأوبك بهذا الاتجاه ويؤيدون خفض الانتاج , انما ينطلقون في ذلك من رغبة وطنية في المحافظة على مصالح بلدانهم المصدرة للنفط , ومن ضرورة اظهار منظمة الأوبك بمظهر القادر على ضبط السوق حتى لا يفلت الزمام وتكثر الضغوط من جانب المضاربين الذين سينتهزون الفرصة لبيع كميات هائلة من النفط في السوق الآجلة فتنخفض الأسعر أو تنهار.
وفي المقابل فإن هنالك من يرى أن أي خفض جديد في الأنتاج سيكون تأثيره محدوداً وقصير الأجل.. وسرعان ما تجد الأوبك نفسها مضطرة للإجتماع ثانية لاتخاذ مزيد من القرارات الصعبة بشأن معدلات الإنتاج .. ويدعم هذا الفريق وجهة نظره بالمبررات التالية:
1- أن دول الأوبك لم تلتزم بالقرار الذي أصدرته المنظمة في شهر سبتمبر , والقاضي بخفض الإنتاج بمعدل مليون برميل يوميا , حيث أظهرت التقديرات أن انتاج الدول العشرة دون العراق كان يجري بمعدل 24.48 مليون ب/ي أي بزيادة 1.28مليون ب/ي عن السقف المعلن ، وعدم الإلتزام بهذا قد يضعف ثقة الأسواق البترولية في أي قرار جديد قد تتخذه المنظمة.
2- أن هنالك تباطؤاُ ملحوظاُ في نمو الطلب العالمي على النفط هذا العام , بحيث أن وكالة الطاقة الدولية قد خفضت توقعاتها عدة مرات وكان أن وصلت الزيادة المنتظرة الى 120 الف ب/ي فقط حسب تقرير الوكالة الأخير .ومن غير المستبعد أن يتم خفض التقديرات في الشهور القادمة , وأن يحدث تراجع في الطلب العالمي على النفط بدلاً من الزيادة.
3- ان ما يجري في العالم منذ 11 ستمبر الماضي قد خلق أوضاعاً استثنائية قد ينجم عنها تعميق وضع الركود الاقتصادي في الولايات المتحدة وبقية الدول الصناعية ، ومن ثم يؤدي إلى مزيد من تراجع الطلب على النفط.
4- إن هذا الوضع الاستثنائي قد يؤثر سلباً على التحالف بين دول الأوبك ، وبعض المنتجين من خارجها كالمكسيك ، كما أنه قد يؤثر سلباً على توحد المواقف بين دول الأوبك نفسها حول ما يجب اتخاذه من قرارات.
وبين هذه الرأي أو ذاك ، قد تطول المشاورات والاجتماعات ، وقد تزداد الخلافات ، ولا تصل المنظمة إلى رأي نهائي في الموضوع. وفي تقديري أن ما يحسم الأمر هو التوقعات المتاحة للوزراء عن معدلات النمو الاقتصادي المنتظر في العالم ، والميزان العالمي للمعروض من النفط والطلب عليه ، فإذا كانت الرؤية واضحة ، والصورة وردية ، فإن خفض الإنتاج حسب الاسترتيجية يصبح أمراً لازماً وضرورياً. أما إذا كان الأمر بخلاف ذلك ، فإن من الأفضل ترك الأسعار تهبط دون المستوى المستهدف ، وهو 22 دولاراً للبرميل لمدة أطول ، ولا بأس من أن نعيد النظر في بعض جوانب السياسة المتبعة ، إذا ساءت الأمور أكثر مما هي عليه الآن ، ومن ذلك أن يتم تغيير الهامش السعري المعتمد لدى الأوبك من 22 – 28 للبرميل إلى هامش جديد كأن يكون 18 – 24 دولاراً للبرميل باعتبار أن ذلك أفضل بكثير من التمسك بهامش يصعب الدفاع عنه في ظل ظروف متغيرة.