المؤتمر الوزاري لمنظمة التجارة العالمية.. ومشاعر الخوف والقلق

تملكني شعور بالرهبة والقلق عل مدى الأسابيع القليلة الماضية ونحن نقترب
يوماً بعد يوم من انعقاد المؤتمر الوزاري لمنظمة التجارة العالمية في الدوحة في الفترة ما بين التاسع وحتى الثالث عشر من نوفمبر الجاري. والقلق في العادة لا يأتي من فراغ، وإنما يتولد في النفس من تراكم المخاوف من حدوث ما لا تحمد عقباه في مثل هذه الأجواء العالمية المتوترة والمشحونة بعناصر الصدام على أكثر من جبهة وأكثر من صعيد. ورغم الاستعدادات الهائلة التي بذلتها أجهزة دولة قطر المختلفة لاستضافة المؤتمر على أرضها ولتسهيل إقامة الوفود المشاركة في المؤتمر من 142 دولة بما يجعله أكبر حدث من نوعه في تاريخ البلاد، الا أن ذلك لا يقلل من المخاوف التي تعتمر في الصدر لأكثر من سبب:
1- أن الأجواء العالمية التي ينعقد المؤتمر فيها ليست أجواء سلام ومحبة كما يفترض في هذا المؤتمر الهام الذي يسعى من أجل إزالة الحواجز الاقتصادية بين الدول والشعوب وإنما ينعقد المؤتمر والولايات المتحدة تشن حرباً شرسةً على طالبان ينتج عنها كل يوم عشرات القتلى ومئات الضحايا وآلاف المشردين فضلاً عن مشاهد الدمار والخراب التي يخلفها القصف في كل المناطق الافغانية بلااستثناء.. وفي فلسطين يعيد شارون بآلته الحربية إحتلال المدن الفلسطينية من أجل الامعان في عمليات القتل والبطش والتدمير تحت سمع وبصر العالم المتمدين بما يفسد الأجواء الازمة لحدوث أي تقارب بين الشعوب..
2- أن مؤتمرات منظمة التجارة العالمية تواجه على المستوى العالمي بمعارضة قوية ويواكبها في العادة صدامات خطرة من جانب المعارضين لها إلى الحد الذي أفشل مؤتمرات سابقة. وقد تنامت هذه المعارضة على المستوى العالمي إلى الحد الذي أصبحت تشكل فيه قوة ضغط هائلة على صناع القرار والوفود المتفاوضة داخل اجتماعات منظمة التجارة العالمية، وقد انعقد في بيروت هذا الأسبوع المؤتمر العربي الأول لمناهضة العولمة، وحضر المؤتمر 500 شخص من دوائر التيارات اليسارية والقومية في العالم العربي، وعبر المشاركون عن معارضتهم الشديدة لجهود تحرير التجارة لمافي
ذلك من تكريس لانقسام العالم ما بين أغنياء وفقراء.
3- أن الموضوعات المطروحة على المؤتمر ليست موضوعات سهلة وإنما هي في طبيعتها موضوعات صعبة يشتد الخلاف بشأنها لدرجة الصدام، وقد عبر عن ذلك أحد الأفارقة بقوله إن الدول الأفريقية لا تستطيع تنفيذ الكثير من البنود المطلوبة منها، لأنها لا تملك القدرات البشرية ولا المالية ولا المؤسساتية الازمة للتطبيق..

*******

وهكذا فإنه في الوقت الذي سيحتدم فيه الصدام بين المتحاورين داخل أروقة
المؤتمر، فإن صوت المحتجين سيعلو خارج القاعات وفي شوارع الدوحة، وسيزداد قصف الطائرات في أفغانستان وتحتدم المواجهات في فلسطين، في محاولة من الطرق الأقوى كي يفرض وجهة نظره في الصراع الذي تمتد ساحته ما بين قاعات المؤتمر في الدوحة وحتى الجبهات الساخنة في فلسطين وأفغانستان. ولهذه الأسباب مجتمعة سأظل أشعر بالخوف والقلق حتى ينقضي المؤتمر ويرحل المشاركون والمحتجون عن قطر.