مؤتمر التجارة العالمية وآفاق المستقبل

إذا كانت ثلاث مؤتمرات سابقة في جنوا وسياتل والأروجواي قد فشلت في إطلاق مفاوضات تجارية جديدة، فإن الأمل معقود على المؤتمر الوزاري الرابع المنعقد في الدوحة حتى مساء الثلاثاء في إطلاق جولة تاسعة يقترن إسمها بإسم دولة قطر على غرار الجولات السابقة، وسيكون ذلك بالتأكيد إنجاز هام لدولة قطر.
المعروف أنه قد سبق تأسيس منظمة التجارة العالمية في عام 1994 إطلاق ثمان جولات من المفاوضات ما بين عامي 1948و1994 وانتهت آخرها بالإعلان عن قيام منظمة التجارة العالمية .ورغم طول المدة التي استغرقتها جولات المفاوضات الثمانية إلا أنها لم تكن كافية للوصول الى التحرير الكامل للتجارة بين الدول المتفاوضة وكان عددها حتى عام 1994 يقل عن نصف دول العالم . وكان للتباين الشديد في درجات النمو وأحوال المعيشة ما بين الدول المتقدمة والدول النامية من ناحية وإختلاف مصالح الدول المتقدمة ذاتها عن بعضها البعض أثره الهام في عدم الوصول الى التحرير الكامل للتجارة، فكان أن تم الإعلان عن ميلاد المنظمة في عام 1994 بطريقة سمحت للدول الموقعة على الإتفاقية الدخول للمنظمة بالشروط والإلتزامات التي تقبل بها ، وأعطت كل دولة قوائم تفصيلية تحدد موقفها منالرسوم الجمركية والقيود الكمية على السلع المختلفة التي تلتزم بها ولا تزيد عليها في الفترة الإنتقالية التي تستمر 7 سنوات حتى عام 2002 .
وفي هذه الفترة الإنتقاليةالـتي أوشكت على الإنتهاء حدثت أمور كثيرة هامة نذكر منها :
1) توسيع نطاق عمل المنظمة ليشمل اعتبارا من عام 1997 موضوع تجارة الخدمات ومضوع حماية الملكية الفكرية بدلا من التركيز على تجارة السلع فقط .
2) ازدياد عدد الدول المشاركة في عضوية المنظمة إلى 144 دولة بعد إنضمام الصين وتايوان هذا الأسبوع في قطر. الجدير بالذكر أن انضمام أعضاء جدد للمنظمة منذ عام 1995 لم يكن سهلا واستلزم مفاوضات شاقة مع المنظمة ، ولا يزال نحو نصف الدول العربية ومنها السعودية خارج المنظمة .
3) بدء التشاور منذ عام 2000 لإطلاق جولة مفاوضات تاسعة تعمل على تحقيق المزيد من حرية التعامل التجاري والاستثماري بين دول العالم.
4) ظهور حركات احتجاج شعبية عالمية متصاعدة على توجهات العولمة انطلاقا من مخاوف عمقتها نتائج المرحلة الإنتقالية من عمر المنظمة من أن الدول المتقدمة تفرض شروطها وهيمنتها على الدول النامية وأن العولمة في جانبها الاقتصادي تزيد الأغنياء غنى وافقراء فقرا. وقد نجحت هذه الاحتجاجات في إفشال ثلاث مؤتمرات وزارية سابقة من خلال دفع الدول النامية الى التصلب في مواقفها من أجل الحصول على شروط أفضل في أي جولة مفاوضات جديدة.

وقد تمحورت طلبات الدول النامية في مؤتمر الدوحة في الآتي :

* ضرورة إعطاء صناعات الدول النامية معاملة خاصة .
* ضرورة تبني اجراءات عملية وفعالة لضمان تنفيذ اتفاقات جولة أروجواي السابقة.
* العمل على إيجاد حلول سريعة لمشكلة ديون الدول النامية ، والحصول على مساعدات من الدول الغنية للدول الفقيرة.
* اقتران إزالة التعرفة الجمركية بإنشاء صندوق لدعم التنمية في الدول النامية.
* ضرورة مراجعة بنود اتفاقية الملكية الفكرية وخاصة في مجال حقوق تصنيع الأدوية الهامة لصحة الشعوب.

****** ***** ****** ****

إن ازدياد عدد الدول النامية الأعضاء في منظمة التجارة وانضمام الصين إليها قد عزز من صوت هذه المجموعة في محافل منظمة التجارة العالمية ، ونأمل لذلك أن يساهم إطلاق جولة قطر على تحقيق العدالة المفقودة في النظام الاقتصادي العالمي.