آفاق النمو الاقتصادي .. وبرامج مكافحة الارهاب

لا يكاد يعقل أن يكون الإقتصاد الأمريكي قد نما في الربع الأخير من عام 2001 بمعدل 1.4% وأن معدل البطالة في الولايات المتحدة قد انخفض في شهر فبراير إلى مستوى 5.5% مقارنة بـ 5.8% في ديسمبر، إذ كيف يحدث انخفاض لمعدل البطالة بعد التسريح الذي حدث لمئات الألوف من الموظفين والعمال، وكيف ينمو الإقتصاد في وقت تراجعت فيه أرقام الانتاج والاستهلاك!!. وعلى فرض أن تلك الأرقام صحيحة وليست مغلوطة، فإن ذلك لا يعني بحال من الأحوال خروج الاقتصاد الأمريكي من الركود إلى الانتعاش في هذا الوقت المبكر، وغالباً ما ستشهد الشهور التالية انتكاسة أخرى للأرقام الاقتصادية أو أن يظل النمو ضعيفاً وذلك للأسباب التالية:
1.أن الادارة الأمريكية تعطي جل اهتمامها لما أطلقت عليه مكافحة الارهاب، وهذه الحملة تستنزف الجهود والقدرات فيما لا طائل منه، فالعدو الأول للحملة وهو تنظيم القاعدة قد تبين أنه متحصن في جبال أفغانستان الوعرة، وأنه رغم كل الضربات التي أصابته قادر على اعادة تنظيم صفوفه وعلى أسقاط طائرات أمريكية وإلحاق الأذى بالجنود الأمريكيين. ثم أن اسقاط الرئيس العراقي في الجزء التالي من الحملة لا يبدو أمراً سهل المنال ولا ممكناً في ظل معارضة قوية لذلك منن جانب معظم الحلفاء السابقين الذين ساندوا الولايات المتحدة في حربها في أفغانستان، وسيكون على الولايات المتحدة أن تدفع الكثير كي تحمل هذه الأطراف على التخفيف من معارضتها لهذه الحملة الجديدة. ولقد اشتكى رئيس الوزراء التركي مقدماً من النتائج السيئة التي ستلحق بالاقتصاد التركي من جراء أي ضربة جديدة للعراق.. ولن تكون روسيا وفرنسا وألمانيا بمعزل عن الآثار السلبية التي ستصيب مصالحهم المتنامية في العراق، ويقال نفس الشيء أو أكثر عن دول الجوار في الشرق الأوسط مثل الأردن ومصر اللتان ستبديان معارضة قوية لضرب العراق رغم ما قدمته الادارة الأمريكية لهما من مساعدات سخية في الآونة الأخيرة حيث سهلت حصول مصر على مساعدات بقيمة 10.2 مليار دولار من الدول المانحة في غضون 3 سنوات منها 2.1 مليار دولار هذا العام. كما وافقت الادارة الأمريكية على استثناء وارداتها من الصلب المصري من التعرفة الجمركية الاضافية. ومع ذلك فإن العدوان الاسرائيلي الهمجي على المدن والمخيمات الفلسطينية والصمود البطولي لأهل فلسطين قد خلط الأوراق أمام الادارة الأمريكية، وبات من الصعب على أي حاكم عربي أن يقبل بوجهة النظر الأمريكية القائلة بأن العراق يجسد بمفرده الشر في المنطقة. ولا عجب لذلك أن يتبرع الرئيس العراقي بمبلغ 25000 دولار لأسرة كل شهيد كي ما يستمر الصمود البطولي لأهلنا في فلسطيني في مواجهة العدوان الاسرائيلي الغاشم.
2.أن التهديد بضرب العراق يرفع أسعار النفط وقد ارتفعت الأسعار بالفعل هذا الأسبوع إلى أكثر من 24 دولار للبرميل رغم اقتراب موسم الربيع وإذا ما ارتفعت أسعار النفط فإن ذلك سيضر بفرص الانتعاش في الولايات المتحدة والدول الصناعية الأخرى.