كانت مؤشرات الأسهم الأمريكية تنخفض هذا الأسبوع إلى أدنى مستوى لها في مرحلة ما بعد أحداث 11 سبتمبر، وارتفع معدل البطالة في الولايات المتحدة لشهر إبريل إلى 6% وهو أعلى مستوى للمعدل منذ سبع سنوات ونصف، كما تراجع الرقم الدال على ثقة المستهلكين في شهر إبريل بعد أن سجل ارتفاعاً في الشهور الثلاثة السابقة.. وكل هذه التطورات تدل بوضوح على أن قفزة النمو الكبيرة التي أُعلن عن تحقيقها في الربع الأول (بمعدل 5.8%) ليست حقيقية وإنما هي نتاج بعض القرارات والإجراءات التي أفرزتها أحداث 11 سبتمبر مثل قرار الحكومة زيادة الانفاق العسكري، وقرار الشركات الأمريكية خفض الأسعار إلى مستويات قياسية للتخلص من مخزوناتها، فضلاً عن أثر الوصول السريع بمعدلات الفائدة على الدولار إلى أدنى مستوى منذ 40 سنة.. ومن أجل ذلك يشك الكثيرون في أن يكون الاقتصاد الأمريكي قد خرج بهذه السرعة من مرحلة الركود، ولو كان الاقتصاد الأمريكي يحقق نمواً فعلياً – وليس مفتعلاً – لتوقف معدل البطالة عن الارتفاع من ناحية ولارتفعت أرباح الشركات الأمريكية ولكان من نتيجة ذلك أن ارتفعت أسعار الأسهم ومؤشراتها الرئيسية خاصة في ظل معدلات الفائدة المتدنية، ولأقدم بنك الاحتياط الفدرالي على رفع معدل الفائدة على الدولار خوفاً من شبح التضخم خاصة وأن أسعار النفط قد عادت منذ شهر مارس إلى ما يزيد على 25 دولاراً للبرميل..
لقد ذكرت مراراً وتكراراً أن الاقتصاد الأمريكي لن يحقق انتعاشاً حقيقياً في ظل إدارة الرئيس بوش، لأن هذه الإدارة قد أعطت الأولوية في اهتماماتها لموضوع الأمن ومحاربة ما أطلقت عليه الارهاب داخل الولايات المتحدة وخارجها.. وكان من نتيجة ذلك أن تم التضييق على الحريات في بلد الحرية والديمقراطية وتدهورت ثقة المستهلكين والمستثمرين ولن تعود تلك الثقة في وقت قريب طالما ظلت أولويات الادارة الأمريكية كما هي بدون تغيير.
*********
في ظل هذه الأجواء التي يعيشها الاقتصاد الأمريكي فإن من المتوقع حدوث المزيد من التراجع في أسعار الأسهم الأمريكية وقد يكون ذلك بتأثير من المقاطعة العربية للبضائع الأمريكية تلك المقاطعة التي اشتد الحديث عنها منذ أن بدا واضحاً للعيان حجم الانحياز الأمريكي الأعمى للعدو الصهيوني.. ولا يقتصر حديثي هنا عن البضائع بالمعنى الدراج للكلمة ولكننا يجب أن ننظر إلى ما هو أبعد من ذلك..
•فمن ناحية لا بد وأن المستثمرين العرب قد بدأوا يراجعون ويقللون أو يوقفون تعاملاتهم الضخمة في أسواق نيويورك..
•ومن ناحية أخرى فإن الحديث القوي عن المقاطعة ربما قد أرعب مستثمرين عرباً كانوا على وشك إقامة مشروعات صناعية جديدة بالتعاون مع الشركات الأمريكية أو بترخيص من علاماتها التجارية فقرروا تجميد تلك المشروعات خوفاً عليها من الفشل.. وقد وصل تأثير المقاطعة إلى بعض المنتجات العربية التي تحمل علامات أمريكية مما جعل أصحابها يعلنون في أكثر من موقع بأن منتجاتهم عربية خالصة وفي ذلك دليل على أن المقاطعة بدأت تؤثر جدياً على تلك المنتجات..
•ومن ناحية أخرى كان لوقف صادرات النفط العراقي تأثير بالغ الأهمية في ابقاء أسعار النفط مرتفعة في مثل هذا الفترة من السنة التي ينخفض فيها الطلب على النفط موسمياً.. وارتفاع أسعار النفط يؤثر سلباً على الاقتصاد الأمريكي ويؤخر انتعاشه.
إن المقاطعة العربية والإسلامية للبضائع الأمريكية بكل أشكالها يجب أن تستمر وتتصاعد طالما ظل ذلك السلاح الوحيد الذي لا يستطيع أحد أن ينتزعه من أيدي الجماهير، وسلاح المقاطعة يمكن أن نستخدمه في كل مكان حتى في داخل الولايات المتحدة نفسها وقد سألني أحد الأخوة عن كيفية المقاطعة داخل الولايات المتحدة فقلت إن ذلك ممكن بالتركيز على شراء المنتجات العربية وغير الأمريكية بوجه عام طالما لا يتعارض ذلك مع مصالحنا كعرب داخل المجتمع الأمريكي.
إن حملة المقاطعة يجب أن تستمر ويجب ألا نستمع بتاتاً إلى الدعاوى الإنهزامية التي تقلل من شأن وأهمية تلك المقاطعة وصدق الله العظيم، إذ يقول:
((ولا تهنوا ولا تحزنوا وأنتم الأعلون إن كنتم مؤمنين)).