لم تتوقف سوق الدوحة للأوراق المالية طويلاً لإلتقاط الأنفاس، كما جرت بذلك العادة في كل عام بعد موسم توزيع الأرباح، وإنما هي قد أخذت المتعاملين على حين غرة، وفي الوقت الذي كانت فيه أسعار أسهم بعض الشركات تتراجع بعد توزيع الأرباح، كانت أسعار أسهم شركات أخرى ترتفع في انتظار عملية التوزيع مما جعل مؤشر السوق في حالة ارتفاع دائم على مدى الشهرين الماضيين.. وقد زادت وتيرة ارتفاع المؤشر في الأسبوعين الأخيرين بعد أن بات ارتفاع الأسعار هو السمة الغالبة على التعامل في معظم أسهم الشركات.. وقد لوحظ أن أسهم شركات معينة قد دفعت حركة التعامل بقوة في السوق ورفعت المؤشر على نحو غير مسبوق، وكان في طليعة هذه الشركات شركة اتصالات، بنك قطر الوطني، شركة الملاحة، شركة الاسمنت، قطر لتأمين وشركة الصناعات التحويلية.
وقد كان سعر سهم اتصالات قد انخفض بعد توزيع الأرباح إلى مستوى 87 ريالاً للسهم، ولكنه ارتفع بقوة واقترب هذا الأسبوع عن مستوى 100 ريال بزيادة تصل إلى 13%، كما انخفض سعر سهم بنك قطر الوطني بعد توزيع الأرباح إلى 52 ريالاً للسهم، ولكنه ارتفع خلال الأسابيع القليلة الماضية ليصل إلى مستوى 70 ريالاً للسهم بزيادة تصل نسبتها إلى 34%.. وحققت شركات الملاحة والاسمنت وقطر للتأمين زيادات كبيرة بعد انخفاض محدود في فترة ما بعد توزيع الأرباح.
ظاهرة ارتفاع أسعار الأسهم رغم أنها مفاجأة بعض الشيء في حدتها وقوة ارتفاعها، إلا أنها في مجملها ليست مستعصية على الفهم، ففي سوق محدودة تتميز بقلة المعروض من الأسهم بوجه عام، يصبح اشتداد الطلب على الأسهم مصدراً لمثل هذا الارتفاع المستمر في الأسعار.. وكما هو معروف فإن الطلب القوي على الأسهم المحلية في هذه الفترة عائد إلى مجموعة من العوامل التي سبق ذكرها في مقالات سابقة وفي مقدمتها:
1. انخفاض معدلات الفائدة على الريال والدولار إلى مستويات متدنية جداً بحيث أصبح عائد الودائع في الوقت الراهن غير كاف لتغطية مصاريف الزكاة.
2. قلة الفرص الاستثمارية البديلة (المضمونة) في الخارج بعد عودة مؤشرات الأسهم العالمية للتراجع في الربع الثاني من العام الحالي ووصول المؤشرات الأمريكية في الأسبوع الماضي إلى أدنى مستوى لها في الشهور الثمانية الأخيرة.
3. قلة الفرص الاستثمارية البديلة المتاحة داخل قطر، وقد تأكد ذلك من التهافت الشديد الذي أبداه المستثمرون عند الاكتتاب في أسهم شركة قطر للوقود، مما يعني أن الفرصة متاحة لخصخصة أسهم بعض شركات القطاع العام للتخفيف من أعباء الدين العام، ولخلق فرص استثمارية للقطاع الخاص.
4. قلة الفرص الاستثمارية المتاحة في مجال العقارات، نظراً للضوابط العديدة التي تقيد حركة الاستثمار في هذا القطاع الهام سواء على صعيد التمويل المصرفي أو في مجال التسويق. وعلى سبيل المثال فإن إعطاء المقيمين حق التملك لغرض السكن – ولو ضمن ضوابط معينة – يشجع على الاستثمار في هذا المجال.
إن دعوة حضرة صاحب السمو الأمير المفدى القطاع الخاص للقيام بدور فعال في التنمية يستوجب من الأجهزة الحكومية المعنية اتخاذ الاجراءات الكفيلة بتفعيل القطاع الخاص وتسهيل مهمته.