القنبلة الاشعاعية وضعف الاقتصاد الأمريكي

البيانات التي تصدر بين أسبوع وآخر عن حالة الاقتصاد الأمريكي لا تزال متناقضة وبعضها يشير إلى قدر من التحسن في الآداء فيما البعض الآخر يؤكد على تأخر حدوث الانتعاش المنتظر إلى ما بعد عام 2002م. وفي هذا الاطار جاءت بيانات يوم الجمعة الماضي لتشير إلى انخفاض في معدل البطالة إلى 5.8% في شهر مايو بدلاً من 6.0% في شهر إبريل مع حدوث زيادة في عدد الوظائف الجديدة لأول مرة منذ صيف عام 2001م.. وينظر البعض إلى هذا التحسن على أنه طارئ وأن معدل البطالة سيواصل ارتفاعه في الشهور التالية نتيجة لاستمرار الآداء الضعيف للشركات الأمريكية – وخاصة شركات التكنولوجيا – التي لا تفتأ تعلن عن تقليص أعداد العاملين لديها وكان آخرها شركة انتل.
وفي استطلاع اجرته احدى المؤسسات لأحوال الاقتصاد الأمريكي تبين أن 70% من المدراء التنفيذيين للشركات باتوا يتوقعون حدوث نمو اقتصادي هذا العام بنسبة 1 – 2% فقط بعد أن كانت التوقعات ترجح نمواً بمعدل 2.8%.
وقد انعكست هذه الحالة من عدم الثقة بشأن مستقبل الاقتصاد الأمريكي على أسواق الأسهم فتراجعت المؤشرات بشدة خلال الأسابيع الماضية لتصل إلى أدنى مستوى لها في مرحلة ما بعد أحداث 11 سبتمبر، وبات مؤشر النازداك عند مستوى يقل عن ثلث المستوى الذي وصل إليه في مارس 2000م، كما انخفض مؤشر داوجونز إلى أقل من 9700 نقطة..
ومرة أخرى أكرر ما سبق أن ذكرته في مقالات سابقة أن الحكومة الأمريكية مسؤولة عن هذا التردي في أوضاع الاقتصاد الأمريكي من خلال تركيزها على موضوع واحد فقط هو محاربة الارهاب، مما خلق أجواءً غير مواتية للنمو والانتعاش، لا في الولايات المتحدة فحسب بل على مستوى العالم أجمع..
فالادارة الأمريكية تعلن منذ عدة أسابيع عن توقعات بهجمات ارهابية على المدن الأمريكية.. وهي أخيراً قد أماطت اللثام عن اعتقال أمريكي يدبر لهجمات بقنبلة اشعاعية داخل الولايات المتحدة..
وهذا النبأ – سواء كان صحيحاً أو ملفقاً – فإنه كفيل بازعاج المستثمرين وصرفهم عن التفكير في أي توسع، فضلاً عن ادخال الرعب لدى المستهلكين واقناعهم بضرورة الحد من الانفاق والميل إلى الادخار رغم المعدل المنخفض جداً للفائدة على الدولار.
ويتعزز هذا التحول في نمط التفكير لدى المستهلكين والمستثمرين نتيجة ما أعلنته الادارة الأمريكية خلال الأسبوع الماضي عن تدابير جديدة لمكافحة الارهاب داخل الولايات المتحدة..
وفي خارج الولايات المتحدة تحرص الادارة الأمريكية على ابقاء المسرح الدولي متوتراً دون التوصل إلى حلول حاسمة للمشاكل العالقة.. ويحدث ذلك في فلسطين بشأن الصراع العربي الاسرائيلي وفي شبه القارة الهندية بين الهند والباكستان بشأن كشمير. وتبحث الادارة الأمريكية بشكل دائم عن حجج وذرائع لضرب العراق وأخرى لتجريد إيران من قدراتها العسكرية، وتحويل المواجهة في العالم إلى صراع بين الاسلام والحضارة الغربية.
وخلال الشهور الثلاثة الماضية فقد الدولار الأمريكي ما نسبته 7 بالمائة من قيمته أمام اليورو والين الياباني مما يعكس وجود اتجاه واضح لدى المستثمرين للتخلص من الدولار الأمريكي وهو ما يتوقع استمراره في الشهور القادمة.