النجاح الحقيقي لأي بنك لا يكون فقط من خلال ادخال منتجات وخدمات جديدة متطورة وإنما يتم ذلك عن طريق ضغط تكاليف تلك الخدمات لتقديمها للجمهور بأسعار تنافسية، وهذا هو التحدي الذي يواجه البنوك العربية في عصر العولمة.. أي أن يكون البنك قادراً على تقديم الخدمة بأقل سعر ممكن وبأعلى جودة نوعية. ولقد نجحت البنوك المحلية خلال السنوات الخمس الماضية في استثمار مبالغ كبيرة في مجال تطوير انظمتها الكترونياً وفي إنشاء العشرات من وحدات الصراف الآلي وفي تقديم خدمات بطاقات الائتمان للعملاء وغير ذلك من منتجات وخدمات حديثة.. وبدأت السوق القطرية تشهد خلال الشهور الأخيرة تنافساً واضحاً بين البنوك المحلية في مجال صرف بطاقات الائتمان، وانعكس هذا التنافس في صورة إعطاء مزايا للعميل كأن يكون اصدار البطاقة مجاناً بدون رسوم في السنة الأولى أو أن يكون الحصول على البطاقة مصحوباً بهدايا عينية أو نقدية من خلال السحب على جوائز مالية شهرية.
وكان الأصل في خدمة بطاقة الائتمان أن تكون البطاقة لغرض تمويل مشتريات صاحبها من السلع والخدمات في أي مكان داخل البلاد وخارجها على أن يتحمل صاحب المحل أو مقدم الخدمة دفع عمولة تحصيل قيمة الفاتورة من البنك بنسبة لا تزيد عن 4.5 بالمائة ، وفي حالات استثنائية كانت البطاقة توفر لحاملها إمكانية الحصول على مبالغ نقدية تصرف من مكتب الشركة راعية البطاقة في أي مدينة وبشرط تسديد المبلغ عند صدور كشف الحساب الشهري مقابل تحمل العميل للفائدة المشار إليها.
ومع انتشار أجهزة الصراف الآلي أضيفت إلى بطاقات الائتمان خدمة توفيرالنقد الفوري لحامل البطاقة من أي صراف (في حدود المبالغ المحددة لأي بطاقة)، مقابل فائدة مالية بنسبة 4.5% تضاف إلى كشف الحساب فوراً..
ووجدت البنوك بذلك أن لديها الفرصة لمزاولة مهنة الاقراض بدون أن يكون ذلك ضمن الاجراءات الروتينية المعتادة والتي تبدأ بطلب قرض من البنك مشفوعاً بضمانات وكفلاء وجدول للسداد إلخ.. وكان أن أعطت البنوك للعملاء الفرصة لتقسيط المبالغ المستحقة على مسحوباتهم على دفعات لا تزيد عن 10% شهرياً وذلك مقابل احتساب فائدة مالية على الأرصدة المدينة تصل إلى 18% على معدل سنوي أو ما يعادل 1.5% شهرياً وذلك في الوقت الذي كانت فيه معدلات الفائدة على القروض الشخصية من البنك في حدود 12% سنوياً أو 1% شهرياً.
الجديد في الموضوع الآن أن بعض البنوك تتصل بعملائها كي تعرض عليهم مضاعفة سقف المبلغ المحدد للبطاقة عدة مرات كي يتمكن العميل من الانفاق كيفما شاء في موسم الاجازات دون ما حاجة للحصول على قرض مباشر، على أن يتم تسديد الفواتير على أقساط شهرية بواقع 10%. وقام بنك آخر بتخفيض معدل الفائدة على المسحوبات النقدية إلى 2.5% بدلاً من 4.5%، مع الابقاء على معدل الفائدة المحتسب على الأرصدة المدينة عند مستوى 18% سنوياً أو 1.5% شهرياً. وفي تطور آخر نجد أن البنوك بوجه عام قد جعلت الحد الأدنى للفائدة 20 ريالاً على عملية السحب الواحدة إذا قل المبلغ عن 500 ريال وهو الاجراء الذي قررته من قبل البنوك الاسلامية، وذلك يدفع العميل لسحب مبالغ كبيرة لا تقل عن 500 ريال كل مرة حتى لا يدفع فوائد عالية على المبالغ الصغيرة.
هذا التوسع في تقديم الخدمات الائتمانية للعملاء وتنويعها له جوانب ايجابية وأخرى سلبية فهو يحقق الفائدة للطرفين البنك والعميل، ولكن من الضروري أن تنظر البنوك في مسألة تخفيض معدلات الفائدة التي يتم احتسابها على المسحوبات النقدية وعلى الأرصدة المدينة، إذ من غير المنطقي أن يستمر الحال كما هو عليه الآن بدفع مبالغ مالية كبيرة كفوائد شهرية. وفي ظل الاتجاه إلى العولمة فإن من المتصور أن تتمكن الشركات والبنوك الخارجية في المستقبل القريب من تسويق بطاقاتها الائتمانية للعملاء داخل قطر مقابل فوائد مالية أقل وعندها لن يتردد العملاء في التحول إلى الشركات الخارجية ذات المزايا الأفضل، ومن ثم فإن على البنوك المحلية العمل على خفض تكاليف الخدمات المقدمة للعملاء حى تضمن المحافظة على حصتها في السوق المحلي فضلاً عن امكانية المنافسة في الأسواق الخارجية.