في ظل معدلات الفائدة المنخفضة جداً على الودائع المصرفية بات من الشائع جداً أن نقرأ في الصحف إعلانات عن صناديق استثمارية تشرف عليها البنوك المحلية بالتعاون مع شركات أجنبية، وهذه الإعلانات تشير إلى احتمال الحصول على عوائد مالية مرتفعة قياساً على ما حدث في فترات سابقة، ولكنها لا تضمن ذلك العائد ويكتفي البنك بضمان رأس المال بعد عدة سنوات بشرط عدم الانسحاب قبل فترة معينة، على أن يتحدد العائد النهائي على ضوء ما يحدث في أسواق الأسهم العالمية بوجه عام أو في سوق معينة ولمؤشر معين على وجه الخصوص.. وآخر ما قرأته هذا الأسبوع أن أحد البنوك يضمن للمستثمر فائدة بواقع 6% على معدل سنوي ولكنه لا يضمن رأس المال وإن لم يقل ذلك صراحة، وإنما ربط ذلك بآداء مؤشر معروف في أسواق الأسهم العالمية، بحيث إذا انخفض المؤشر عن مستواه الراهن انخفضت قيمة الأموال المستثمرة وإذا ارتفع المؤشر زادت تلك الأموال، وبالتالي فإن الاستثمار المقترح قد يؤدي إلى خسارة مالية إذا انخفض المؤشر ولكنه في المقابل قد يحقق عائداً جيداً إذا صارت الأمور على ما يرام بشأن ذلك المؤشر..
ولكي تتضح الصورة أمام القراء المهتمين بهذا الموضوع نشير إلى أن آداء مؤشرات الأسهم الرئيسية في العالم سواء في الولايات المتحدة أو في أوروبا أو في اليابان هي في حالة تراجع للسنة الثالثة على التوالي بعد أن بلغت ذروتها في عام 1999م. ويعود تراجع الأسهم العالمية إلى عدة أسباب نوجزها في الآتي:
1. أن هذا الانخفاض يأتي بعد سنوات عديدة من الارتفاع في الفترة ما بين 1992م – 1999م، وبالتالي فإن التراجع التصحيحي الراهن كان أمراً لا بد منه خاصة بعد أن تجاوز الارتفاع السابق كل الحدود المعقولة.
2. أن الاقتصاد الأمريكي قد تباطأ منذ الربع الأول من عام 2001م، ودخل في ركود لم يتأكد الخروج منه حتى الآن رغم الآداء الاستثنائي الجيد في الربع الأول من العام الحالي. ولا تزال الاقتصادات الأوروبية في حالة تباطأ في حين لم يخرج الاقتصاد الياباني من الركود الطويل بعد.
3. إن الاقتصاد العالمي يعيش على أبواب تصادم محتمل في المصالح وذلك فيما يتعلق بأسعار صرف العملات الرئيسية، فارتفاع الدولار خلال العامين الماضيين قد أضر بالاقتصاد الأمريكي بحيث بلغ العجز التجاري لشهر إبريل مستوى قياسي هو 35 بليون دولار وذلك نتيجة ضعف الصادرات وتنامي الواردات الأمريكية. وقد تراجع سعر الدولار في الشهور الأخيرة مقابل الين واليورو، وبدأ بنك اليابان المركزي في التدخل لمنع ارتفاع الين مقابل الدولار في حين استقبل البنك المركزي الأوروبي اقتراب سعر اليورو من التعادل مع الدولار بالترحاب حتى الآن. وأياً ما كان الأمر فإن بقاء الدولار قويٌ يضر بالاقتصاد الأمريكي ومن ثم بالأسهم الأمريكية في الأجل الطويل، في حين أن انخفاض سعر الدولار يضر بالاستثمارات الأجنبية في الأسهم الأمريكية مما يدفع المستثمرين إلى الخروج من السوق الأمريكي في الأجل القصير.
الخلاصة:
إن دوامة إنخفاض أسعار الأسهم العالمية لا تزال مستمرة ومن غير الواضح حتى الآن ما إذا كان هنالك إنتعاش قادم في الأفق أما لا، وبالتالي فإن الارتباط ببرامج الصناديق الاستثمارية لعدة سنوات قادمة قد يحمل في طياته مخاطر غير مأمونة العواقب، ومن الأفضل في هذه الأحوال الانتظار لحين التأكد من حدوث تحول حقيقي في مناخ الاستثمار العالمي إلى الأفضل أو باختيار صناديق الاستثمار المضمونة رأس المال على الأقل في الوقت الحاضر.