كانت من بين النتائج الهامة التي ترتبت على إنشاء سوق الدوحة للأوراق المالية زيادة مستوى الشفافية، فيما يتعلق بالمعلومات والبيانات المالية العائدة للشركات المساهمة، وعلى وجه الخصوص ما قرره قانون إنشاء السوق من ضرورة نشر الموازنات نصف السنوية للشركات ليتمكن حملة الأسهم والمستثمرون من فهم حقيقة ما يجري في تلك الشركات. وعلى ضوء المعلومات والبيانات المنشورة فإن أسعار الأسهم تتجه في العادة صعوداً أو هبوطاً، وقد رأينا كيف أن أسعار أسهم شركة كالنقل البحري قد ارتفعت مؤخراً إلى نحو 18 ريالاً للسهم، بعد أن كان السعر قد انخفض في بعض الفترات قبل عامين أو ثلاثة أعوام إلى 5،4 ريال، وكان ذلك نتيجة طبيعية لتحول الشركة من حالة الخسارة إلى تحقيق أرباح تشغيلية كبيرة، وارتفع سعر سهم شركة الكهرباء والماء إلى 18 ريالاً أيضاً بعد أن ظل لفترة طويلة دون مستوى 12 ريالاً للسهم الواحد. وفي المقابل فإن أسهم شركات أخرى قد حافظت على أسعارها عند المستويات المعتادة؛ بدون زيادة تذكر، بل إن بعضها كسعر سهم البنك الأهلي قد انخفض بشكل ملموس فيها يمكن النظر إليه على أنه تعبير عن واقع الحال.
على أن لنشر الميزانيات نصف السنوية فوائد أخرى هامة، إذ يمكن منها معرفة مستوى نشاط قطاع الأعمال في البلاد، كما يمكن الاستدلال على بعض الأمور الاقتصادية الأخرى.
وقد نشر أحد البنوك مؤخراً ميزانيته نصف السنوية وتبينت منها جملة من الحقائق نوجزها في الآتي:
أولاً: أن إيراداته من الفوائد المقبوضة قد زادت بنسبة 1،1 بالمائة عما كانت عليه قبل سنة أي في نهاية يونيو 2000، وأن هذه الزيادة الطفيفة ناتجة بالضرورة عن زيادة مماثلة في حجم القروض فقط، باعتبار أن معدلات الفائدة على الاقتراض بالريال كانت مستقرة نسبياً خلال عام 2001، وبالتالي لا يمكن أن تكون الزيادة ناتجة عن ارتفاع المعدلات كما حدث في عام 2000.
ثانياً: أن مصاريف الفوائد المدفوعة للعملاء قد انخفضت في نفس الفترة بمعدل 6،14 بالمائة، وأن هذا الانخفاض ناتج عن تراجع معدلات الفائدة على الودائع بالريال والعملات الأخرى، حيث عمدت البنوك إلى خفض تلك الودائع فور قيام مصرف قطر المركزي بخفض سعر فائدة المصرف، وهو الأمر الذي تكرر نحو 5 مرات خلال النصف الأول من العام.
ثالثاً: أن مصاريف الفوائد المدفوعة للعملاء قد انخفضت جزئياً أيضاً بتأثير تراجع حجم ودائع العملاء لدى هذا البنك بما نسبته ثلاثة بالمائة.
رابعاً: أن أرباح هذا البنك قد زادت في المحصلة بما نسبته 6،0 بالمائة فقط رغم الانخفاض الكبير في مستوى الفوائد المدفوعة للعملاء والذي وصلت نسبته كما أشرنا إلى 6،14 بالمائة، ورغم زيادة الإيرادات وعدم انخفاضها.
نستنتج مما تقدم أن مستوى النشاط المحلي «على صعيد القطاع الخاص» لايزال ضعيفاً وأن البنوك قد استفادت من خفض معدلات الفائدة في عام 2001 لتزيد من أرباحها التشغيلية ولتحسن من مراكزها المالية، إلا أن استمرار الضعف في النشاط المحلي مع ارتفاع فوائد الإقراض كانا سبباً في زيادة حالات الإعسار لدى الشركات المحلية، مما استوجب من البنوك تخصيص جزء إضافي من أرباحها لمواجهة الديون الضعيفة أو المشكوك فيها فكانت النتيجة أن الزيادة في أرباحها كانت ضئيلة.
على أن النتائج المستقاة من أحد البنوك قد لا تكون بالضرورة مقياساً لوضع النشاط في بقية البنوك والشركات، ومن هنا فإننا سننتظر صدور المزيد من الميزانيات نصف السنوية لنتعرف على مستوى النشاط المحلي في البلاد.