عندما اجتمع مجلس الاحتياط الفيدرالي الأمريكي مساء الثلاثاء لم يكن أمامه من خيار سوى الاقدام على خفض جديد في معدلات الفائدة الاتحادية بواقع ربع بالمائة لتصل إلى مستوى 1.75 وهو أدنى مستوى لمعدل الفائدة بين البنوك في الولايات المتحدة لليلة واحدة، منذ أربعين عاماً…
ورغم أن المجلس قد أقدم على خفض المعدل عشر مرات متتالية هذا العام، إلا أن ذلك لم يكن كافياً للحيلولة دون وقوع الاقتصاد الأمريكي في براثن الركود اعتباراً من الربع الثالث من العام الحالي، وقد وجد أعضاء المجلس أنفسهم لذلك أمام حقائق صعبة عن الاقتصاد الأمريكي؛ فالانتاج الصناعي قد تراجع في شهر أكتوبر بمعدل 1.2%، وسجل بذلك تراجعاً شهرياً هو الثالث عشر على التوالي ، وارتفع معدل البطالة في شهر نوفمبر إلى أعلى مستوى له منذ 6 سنوات إلى 5.7 بالمائة.. ورغم الانخفاض الكبير الذي طرأ على معدلات الفائدة إلا أن المؤشرالعام لثقة المستهلكين لا يزال متدنياً (وإن كان الرقم الخاص بجامعة ميتشجان قد سجل ارتفاعاً في الشهور الثلاثة الأخيرة) 0هذه الصورة القاتمة عن الاقتصاد الأميركي فتحت المجال أمام خفض جديد لمعدل الفائدة على الدولار ، خاصة في ظل عوامل أخرى مساندة منها:
1) أن معدل التضخم في الولايات المتحدة عند أدنى مستوياته نتيجة تراجع أسعار الطاقة ، وبسبب إقدام الشركات الأمريكية على خفض أسعار منتجاتها للتخلص من المخزونات لديها.
2) أن الاقتصاد الياباني ممعن في الركود ومعدلات الفائدة المناظرة على الين تقترب من الصفر.
3) أن الاقتصاد الأوروبي ، وإن كان أحسن حالاً ، إلا أنه في حالة تباطؤ شديد قد تصل به إلى الركود مع ارتفاع معدلات البطالة في أوروبا.
******** ******** ********
ما يهمنا في الموضوع هو أن أي خفض جديد على معدل الفائدة على الدولار يستتبع بالضرورة أن تحذو البنوك المركزية في الخليج ومن بينها قطر حذو الولايات المتحدة فتقدم على خفض معدلات الفائدة على عملاتها لتصل إلى مستويات غير مسبوقة من التدني ، وهذا الأمر سيكون له إنعكاساته الهامة على اقتصاديات دول المنطقة ، وخاصة مع توفر السيولة بعودة جانب مهم من الاموال القطرية والخليجية من الولايات المتحدة . الجدير بالذكر أن القوائم التي تصدرها الولايات المتحدة بين أسبوع وآخر لتجميد أموال مؤسسات وأفراد ، عرب ومسلمين قد باتت تثير الرعب في نفوس المستثمرين مما أدى بهم إلى سحب أموالهم المستثمرة في الولايات المتحدة..
والخلاصة: أن انخفاض معدلات الفائدة إلى مستويات متدنية جداً مع توفر السيولة سوف يؤدي إلى حدوث المزيد من الارتفاع في أسعار الأسهم المحلية ، كما أن أسعار العقارات والأراضي مرشحة هي الأخرى لمزيد من الارتفاع في الشهور القادمة ، وذلك يفتح المجال لارتفاع معدل التضخم في قطر بعد أن ظل تحت السيطرة طيلة السنوات الماضية.
وقد يكون من المناسب لذلك أن تنتهزالحكومة هذه الفرصة للنظر في إمكانية طرح جانب آخر من شركاتها العامة للخصخصة، طالما أن هنالك إقبال شديد على الأسهم المحلية في هذه الفترة ، بل أن الفرصة تبدو مواتية أيضاً للنظر في إمكانية السماح للمقيمين بشراء وبيع أسهم الشركات القطرية، ولو ضمن حصص وضوابط معينة، وذلك في تقديري من أهم الأمور التي ستساعد على تنشيط الاستثمار في قطر، وستدفع باتجاه ما طالــــب به حضرة صاحب السمو الأمير المفدى من ضرورة الاستثمار في مجال الصناعات الخفيفة والمتوسطة.