هل يستمر الارتفاع غير العادي في أسعار بعض الأسهم المحلية ؟

أعترف أن ما يجري في سوق الدوحة للأوراق المالية عصيٌ على الفهم وأن ارتفاع مؤشر السوق إلى مستوى 2583 نقطة بزيادة نسبتها 19.9% في الربع الأول من العام فقط هو أمر محير بكل المقاييس ، ويعد خروجاً عن المألوف والمعتاد في مثل هذا الوقت من كل سنة .. فقد كان من المنطقي بعد توزيع الأرباح السنوية أن تبدأ أسعار الأسهم في الانخفاض وتظل راكدة على هذا النحو لمدة شهرين أو ثلاثة .. وكان من المتصور أن تؤدي الحرب على العراق إلى مزيد من التخوف والحذر بين المتعاملين ، فيشكل ذلك عنصراً إضافياً لعدم ارتفاع الأسعار .. إلا أن ذلك لم يحدث ، وسجلت الأسعار في بعض الحالات ارتفاعات جديدة غير ممتوقعة ، وكان المثال الأوضح على ذلك هو ارتفاع سعر سهم بنك الدوحة إلى مستوى 105 ريالات للسهم الواحد يليه القفزات الكبيرة التي حققها سعر سهم البنك الدولي الاسلامي والشركة الاسلامية للتأمين ، وشركة الخليج للتأمين والعقارية والسينما والمستشفى التخصصي.
ولقد رحت أبحث عن مبررات لهذه الارتفاعات الاستثنائية وغير المألوفة وقلبت الأمور مع المهتمين فوجدت الآتي :
1. أن بقاء معدلات الفائدة على الريال عند أدنى مستوى تاريخي لها وهو 2% يشكل عنصراً ضاغطاً بإتجاه البحث عن فرص بديلة للاستثمار .. ولما كانت معدلات الفائدة على الدولار هي أقل من مثيلتها على الريال ، وبالنظر إلى أن معدلات الفائدة بوجه عام غير مرشحة للارتفاع خلال عام 2003م بسبب التباطؤ الاقتصادي العالمي ، لذا فإن معدل الفائدة في وضعه الراهن والمستقبلي يشكل سبباً جوهرياً لبقاء الطلب قوياً على الأسهم ، وبالتالي ارتفاع أسعارها ..
2. أن انخفاض معدل الفائدة على الريال قد كان سبباً رئيسياً فيما حققته البنوك من أرباح خيالية خلال العامين الماضيين في ظل سياسة تعويم الفائدة ، وبقاء معدلات فوائد الاقراض مرتفعة بالمقارنه بمعدلات الفائدة على الودائع ، وهو ما يفسر جزئياً الارتفاع الكبير في أسعار أسهم البنوك بوجه عام.
3. أن السياسة المالية للحكومة كانت خلال العام المالي المنتهي سياسة توسعية على عكس ما حدث في سنوات سابقة ، وذلك قد عزز من الآثار الناتجة عن السياسة النقدية التوسعية على أسعار الأسهم.
4. أن الظروف الاستثنائية التي يعيشها العالم والتضييق الشديد على الأموال العربية في الخارج فضلاً عن الخسائر الكبيرة التي أصابت المستثمرين القطريين في أسواق نيويورك وأوروبا قد دفعت جانباً مهماً من هذه الأموال للعودة إلى الوطن والبحث عن فرص جيدة للاستثمار.
هذه في مجملها أسباب يمكن التفكير بها واعتمادها كمبررات لارتفاع مستمر في أسعار أسهم بعض الشركات المحلية ، إلا أنها بمفردها لا تكفي لإعطاء التفسير الكامل للظاهرة ، ذلك أن أسهم بعض الشركات قد ظلت جامدة ولم تتحرك إلا في أضيق الحدود رغم أنها شركات جيدة ووضعها المالي ممتاز ، ومن بينها شركات مثل اتصالات كيوتل التي بقي سعر سهمها يتأرجح ما بين 108 – 115 ريالاً للسهم منذ شهور عديدة. وبالمثل كان الارتفاع في سعر سهم بنك قطر الوطني محدوداً بالمقارنة بسعر سهم بنك الدوحة ، رغم أن حجم الأول وإيراداته أضخم بكثير منها في البنك الثاني.
هنا قد يبرز العنصر الكامن وراء ارتفاع أسعار أسهم بعض الشركات بطريقة إستثنائية ، وهو وجود طلب شديد من جانب جهات معينة لامتلاك أكبر عدد ممكن من أسهم بعض الشركات قبل انعقاد جمعياتها العمومية من أجل ضمان الفوز بمقاعد في مجالس إدارتها. وأياً كانت الأسباب والدوافع وراء الارتفاعات الاستثنائية في أسعار بعض أسهم الشركات القطرية ، فإن من المتوقع أن تستمر هذه الظاهرة لبعض الوقت طالما بقي السبب الرئيسي لوجودها وهو انخفاض معدل فائدة الودائع على الريال إلى أقل من 2% ، وللحديث بقية في متابعة أخرى إن شاء الله.