عندما يرتفع سعر سهم شركة ما على نحو غير اعتيادي كما هو حاصل مع سهم بنك الدوحة وشركة التأمين الإسلامية وغيرها من الشركات , فإن ذلك مرجعه إلى إشاعات أو اخبار قد تسربت عن نية لتوزيع أسهم مجانية على المساهمين. وبالطبع قد لا يكون ذلك هو السبب الوحيد ولكنه العامل الحاسم والمؤثر في إحداث القفزات الكبيرة التي تطرأ على سعر السهم في فترات قصيرة. وخلال الشهور الأربعة الماضية أي ما بين 13 إبريل إلى 13 أغسطس ، قفز سعر سهم بنك الدوحة بمقدار 45 ريالاً للسهم الواحد أو بنسبة 52%. وقد حدثت معظم الزيادة في شهري يوليو وأغسطس بعد الإعلان عن نتائج النصف الأول من العام 2003 ، والتي تضمنت تحقيق أرباح بلغت 125 مليون ريال .. فهل يخطط بنك الدوحة لتوزيع أسهم مجانية على المساهمين مع نهاية العام الحالي ؟ إن الإجابة على هذا السؤال تبدو مؤكدة استناداً إلى الأسباب والمعطيات التالية:
1- إن الأرباح المتوقعة للبنك هذا العام تزيد عن رأس المال البالغ 240 مليون ريال ، وهي ستزيد عن 200 مليون ريال حتى بعد استقطاع أموال مقابل المخصصات المختلفة.
2- إن بنك الدوحة مضطر لزيادة رأسماله بعد أن سبقه البنك التجاري إلى ذلك هذا الصيف. الجدير بالذكر أن البنكين يتنافسان علي تبوء المركز الثاني بعد بنك قطر الوطني ، وقد رفع البنك التجاري رأسماله في شهر يوليو الماضي بنسبة 20% إلى 355.95 مليون ريال ، عن طريق الإكتتاب الذي اقتصر على حملة أسهم البنك وبسعر 60 ريالاً للسهم وبذلك يبدو بنك الدوحة بحاجة ماسة لرفع رأسماله إلى ما لا يقل عن 360 مليون ريال حت يبقى في دائرة المنافسة القوية مع البنك التجاري.
3- إن مجلس إدارة بنك الدوحة قد قرر بالفعل في اجتماعه بتاريخ 30/6/2003 انخاذ الإجراءات اللازمة لتعزيز المركز المالي للبنك ، وذلك حسب ما ورد في الصحف عند الإعلان عن النتائج نصف السنوية للبنك.
علي ضوء ما تقدم يبدو من المؤكد ان يوصي مجلس الإدارة ، الجمعية العمومية بزيادة رأسمال البنك بنسبة 50% أوما يعادل 120 مليون ليصبح 360 مليون ريال ، وأن يتم تمويل الزيادة المقترحة من أرباح البنك واحتياطياته ، عن طريق توزيع سهم مجاني لكل سهمين. وقد يوصي مجلس الإدارة أيضاً بتوزيع أرباح نقدية على المساهمين بواقع 10% من القيمة الإسمية ، أي ما يعادل 24 مليون ريال. وبالمحصلة فإن البنك قد يوزع ما نسبته 60% على المساهمين . ومثل هذا التصور يفسر الإقبال المحموم على شراء أسهم البنك خلال الشهرين الماضيين ، مما رفع سعر السهم إلى 131 ريالاً حتى يوم أمس.
وشراء السهم عند هذا السعر المرتفع لا يشكل خطراً يذكر علي المشتري باعتبار أن العائد المنتظر يفوق المخاطر المحتملة. صحيح أن سعر السهم سينخفض حتماً بعد توزيع الأرباح ، إلا أن هذا الإنخفاض لن يكون كبيراً إذا ما تذكرنا ما قلناه في الأسبوع الماضي من أن الظروف الأخرى تدفع جميعها باتجاه رفع أسعار الأسهم بوجه عام. ويضاف إلى ذلك أن استمرار الإنخفاض الشديد في معدلات الفائدة على الودائع بالمقارنة بمعدلات الإقراض سوف يضمن لبنك الدوحة (والبنوك عامة) تحقيق أرباح خيالية أخرى لسنة قادمة على الأقل .فإذا ما حصل المساهم على منحة نصف سهم ، فإنه سيملك بعد توزيع الأرباح سهما ًونصف بقيمة 150ريالاً وذلك بإفتراض أن السعر سيهبط عند ذلك إلى 100 ريال للسهم ، ويحقق المشتري بسعر 131 ريالً للسهم أرباحاً تعادل 19 ريال أرباحاً رأسمالية + ريال واحد أرباح نقدية أي 20 ريالاً.
ومع ذلك تظل هناك نقطة مهمة وهي أن استمرار ارتفاع سعر السهم لأكثر من 131 ريالاً يزيد من شهية حملة الأسهم للبيع لجني الأرباح الضخمة التي تحققت ، ولو حدث ذلك فإن تصحيحاً في السعر سوف يحدث في أي وقت ، مع التسليم بأن مثل هذا التصحيح أكثر حدوثاً في الأسوق الكبيرة التي تتوزع فيها ملكية الأسهم على عدد كبير جداً من المساهمين. أما في سوق الدوحة عامة ولبعض الشركات ومنها بنك الدوحة خاصة ، فإن تركز الأسهم في أيدي أعداد أقل من المساهمين يجعل من السهل التحكم نسبياً في الأسعار.
وفي كل الأحوال يجدر القول إنه إذا كان بنك الدوحة قد خطط فعلياً لزيادة رأسماله فإن الأمر كان يقتضي الإفصاح عن ذلك صراحة حتى تتاح الفرصة للجميع للإستفادة من هذا الأمر ، وينطبق نفس الشئ على كافة الشركات التي لديها قرارات مماثلة ، وعلى وزارة الإقتصاد والتجارة تعديل قانون الشركات بما يلزم مجالس الإدارة بتحقيق أقصى درجات الشفافية.