أود أن أتناول هذا اليوم موضوع آخر بعيد عن الأسهم المحلية، ويتعلق بمستقبل معدلات الفائدة على الريال، على ضوء ما استجد من تطورات في الآونة الأخيرة، ومنها معدلات النمو في الاقتصاد الأمريكي بوجه خاص والاقتصاديات الصناعية الأخرى بوجه عام، إلى جانب بعض معطيات الاقتصاد القطري. وقبل أن أدخل في تفاصيل هذا الموضوع أشير فقط في عجالة إلى أن الارتفاع الملحوظ خلال الأسبوع في أسعار أسهم بعض الشركات وخاصة في قطاع البنوك والشركات التقليدية الأخرى كقطر للتأمين، إنما يأتي على ضوء النتائج الممتازة لهذه الشركات في الشهور التسعة الأولى من العام الحالي، وتوقع توزيع أرباح عالية وأسهم مجانية عن عام 2003، وهو الأمر الذي ربما تقرر بالفعل في اجتماعات مجالس إدارات هذه الشركات وتسربت أخباره إلى بعض كبار المستثمرين.أما الشركات الأخرى التي لن توزع أرباحاً هذا العام أو أنها لن توزع أسهماً مجانية على وجه الخصوص، أو أن أخبارها لم تتسرب بعد، فإن أسعارها ظلت مستقرة أو أنها قد تراجعت كما حدث لأسهم شركات مثل صناعات والإجارة والمتحدة للتنمية وغيرها.
وأعود إلى موضوع معدلات الفائدة على الودائع، فأشير إلى أن التوقعات بشأنها حتى وقت قريب كانت ترجح بقائها عند مستوياتها الراهنة المنخفضة جداً، حتى بداية الصيف القادم ولكن جملة من التحولات قد طرأت مؤخراً على المعطيات الاقتصادية بحيث بات من المتوقع أن تعود تلك المعدلات إلى الارتفاع في موعد لا يتأخر كثيراً عن نهاية العام الحالي أو بداية العام القادم، ومن هذه التحولات:
1- إن الاقتصاد الأمريكي قد نما بقوة في الربع الثالث من العام وسجل معدل نمو7.2% على معدل سنوي، وهو أعلى معدل نمو يحققه الاقتصاد منذ عام 1984. وقد تعززت اتجاهات النمو ببعض الأرقام الأخرى مثل مؤشر مدراء المشتريات عن حالة القطاع الصناعي ومؤشر ثقة المستهلكين والتراجع في أعداد المسجلين أسبوعيا ًلطلب إعانة البطالة. وإذا ما سجل معدل البطالة لشهر أكتوبر – والذي سيصدر هذا الأسبوع – تراجعاً إلى 6% أو أقل، فإن ذلك سيعطي لأنباء النمو مصداقية أكبر ويدفع بنك الاحتياط الأمريكي إلى تشديد سياسته النقدية في اجتماعه القادم قبل نهاية العام.
2- أن بيانات الاقتصاد الياباني قد أظهرت دخوله في مرحلة الانتعاش خلال النصف الثاني من هذا العام، كما أن التوقعات بشأن الاقتصاديات الأوروبية ترجح تحولها نحو الانتعاش في السنة الجديدة، وهو ما يعزز من استمرار النمو في الاقتصاد الأمريكي.
3- إن معطيات الاقتصاد القطري المتاحة تعزز الاتجاه نحو رفع معدلات الفائدة على الريال سواء لجهة معدل نمو الناتج المحلي الإجمالي أو عرض النقد أو الزيادة في حجم التسهيلات الائتمانية وغيرها.
هذه المبررات مجتمعة باتت ترجح ارتفاع معدلات الفائدة عالمياً ومحلياً في موعد لا يزيد عن ثلاثة شهور من الآن، وإلا ستبدأ الضغوط التضخمية في إحداث تأثيراتها السيئة على الأوضاع الاقتصادية وهو ما تحسب له البنوك المركزية ألف حساب.