في المقال الذي نُشر قبل العيد يوم 19-11 نصحت المتعاملين بالحيطة والحذر وعدم البقاء في السوق لفترة أطول من اللازم بحيث يبيع ويخرج من السوق المضاربون الذين تحققت لهم أرباح معقولة، نظراً لأن إحتمالات تراجع الأسعار في وقت قريب كانت قائمة. ورغم أن الأيام التالية شهدت عودة الأموال الزائدة من اكتتاب مواشي، بما كان يعنيه ذلك نظرياً من توفر سيولة كبيرة يمكن أن توظف في شراء الأسهم المتاحة من سوق الدوحة، إلا أن أسعار معظم الأسهم قد انخفضت بعد العيد وذلك يُعزى للأسباب التالية:
1- أن الجانب الأكبر من تلك الأموال العائدة كان يخص الشركات التي وظفت معظم السيولة المتاحة لديها في اكتتاب مواشي، وكان من الطبيعي أن تعود هذه الأموال بعد الاكتتاب إلى وضعها المعتاد كأموال سائلة في خدمة أنشطة تلك الشركات وتسيير أعمالها، ولم يكن من الممكن استمرار تجميدها في سوق الأسهم لفترة أطول.
2- أن المقترضين –وهم كُثرُ- قد آثر بعضهم على الأقل سداد ما عليه من قروض للبنوك حتى لا تأتي فوائدها على ما تبقى من أرباح تحققت لهم من الاكتتاب في مواشي، وآثر البعض الآخر الإبقاء على تلك الأموال جاهزة لتوظيفها فيما سيأتي من اكتتابات.
3-أن أسعار الأسهم كانت قد وصلت بالفعل إلى مستويات عالية جداً على ضوء التوقعات بما ستوزعه كل شركة من أرباح على المساهمين، أي أن سعر سهم كل شركة في السوق قبل العيد كان يعكس ما ستوزعه كل شركة من أرباح، ونضرب لذلك أمثلة بـ 149 ريال لبنك الدوحة و144 للبنك التجاري و118 ريال للدولي الإسلامي و104 للتأمين الإسلامية و65 ريال لصناعات قطر و34 ريال للإجارة.ولقد كان من الصعب تصور حدوث عمليات شراء مكثفة عند هذه المستويات المرتفعة، بل على العكس أن تحدث عمليات بيع لجني أرباح سريعة.ومع ذلك أعترف أن هناك من كانت له وجهة نظر أخرى ، وأعرف بعض القراء الذين أصروا علىالشراء عند استلامهم الأموال من مواشي، فكانت النتيجة عكس ما تمنوا، وربما يكون هذا درس ناجع لهم بعدم الاستعجال في المستقبل.
وعلى هذه الفئة مراقبة تطور الأسعار في السوق جيداً للخروج من الصفقات التي لديهم إذا سنحت الفرصة بذلك، فرغم أن اتجاه الأسعار في الوقت الراهن هو تصحيحي نزولي، إلا أنه تظل هناك إحتمالات بأن ترتفع الأسعار بشكل مفاجئ إذا قررت إحدى مراكز الاستثمار القوية في السوق شراء أسهم معينة في لحظة ينخفض فيها السعر كما حدث قبل شهرين.
وفيما يتعلق بأسهم شركات المخازن الكبرى والمجموعة العقارية والصناعات المتوسطة، فإن الاكتتاب فيها جميعاً يبدو أمراً مجدياً ولكن الجدوى تختلف من شركة إلى أخرى بحسب حجم رأس المال المكتتب به وحالة النشاط من حيث هو قائم أو تحت التأسيس والمدة التي يتطلبها ذلك ، ومدى الاحتكار الذي تتمتع به الشركة، وبالتالي مدى إمكانية تحقيق أرباح مجزية بعد التشغيل. ولأن المعلومات التفصيلية عن هذه الأمور مجتمعة غير متاحة، فإنني أترك الحديث عنها لمقالات قادمة، وإن كان من الممكن القول الآن أن المخازن الكبرى التي ستعرض أولاً للاكتتاب في الأسبوع القادم تشبه إلى حد كبير شركة الإجارة من حيث كونها شركة يؤسسها القطاع الخاص، وبالتالي ستحكمها القواعد التي أُعلن عنها دون إحتمال التبديل كما حدث في صناعات أو مواشي.وأنصح الناس الأنتظار إلى الأسبوع الأخير لمعرفة حجم الإقبال على الإكتتاب وبالتالي تحديد مشاركتهم في الاكتتاب من عدمه أو حجم المبالغ التي يتم الإكتتاب فيها. وللحديث بقية عن هذا الموضوع إن شاء المولى عز وجل.