حفلت الساحة الاقتصادية في قطر هذا الأسبوع بالعديد من التطورات الهامة التي تستحق المتابعة والتعليق في هذه الزاوية الأسبوعية، وإن كان من بين هذه التطورات ما يتطلب أكثر من وقفة عابرة أو مجرد إشارة، بل إنه يحتاج إلى دراسة متعمقة أو تحليل مستفيض يتجاوز حدود ما يسمح به هذا العمود. وإذا كان أغلب القراء ينتظرون مني هذه الأيام أن أداوم على إعطاء تحليلات وتوقعات عن أسهم الشركات، فإنني استميحهم العذر هذا الأسبوع في عدم تناول موضوع الأسهم، وأن أعود إليه في متابعات أخرى إن شاء الله تعالى لنرى ما فعلت المخازن بالسوق، ولماذا وقف سعر صناعات عند حاجز 61 ريالاً،وكيف يمول المستثمرون اكتتاباتهم في أسهم شركة المخازن. أما الآن فإنني أطرح الموضوعات التالية للنقاش:
• استوقفتني هذا الأسبوع تصريحات المسئولين في قطاع الطاقة والصناعة ومفادها أن قطر تخطط لرفع إنتاجها من الغاز المسالLNG إلى نحو 60 مليون طن سنوياً بحلول عام 2012، إضافة إلى ما ستنتجه من وقود سائل في مصانع تحويل الغاز إلى منتجات سائلة. وإذا علمنا أن الطاقة الإنتاجية من الغاز المسالLNG في الوقت الراهن وبعد عشرة سنوات من بدء تنفيذ مشروعات الغاز في حدود 14 مليون طن سنوياً فقط، فإن ذلك يعني أن هناك خططاً لمضاعفة الطاقة الإنتاجية إلى أربعة أمثال ما هي عليه الآن في غضون ثمان سنوات أخرى. فهل الإسراع في تحقيق هذا الإنجاز هو في صالح الاقتصاد القطري ويحقق أهدافه، أم أنه يمثل قدراً من الاستعجال في استنـزاف الثروة الغازية دونما حاجة حقيقية لذلك. بمعنى آخر إذا كان متوسط دخل الفرد في قطر حالياً من بين أعلى المعدلات في العالم، وإذا كانت فرص العمل المتاحة للقطريين كافية ووفيرة، وإذا كانت الموازنة العامة للدولة تحقق فائضاً سنوياً وكذلك ميزان المدفوعات فإن الحاجة تبدو لذلك غير ملحة لإنجاز هذا الحجم الضخم من المشروعات، كما أن مخاطر التوسع الزائد في مشاريع الغاز قد لا تقتصر على سرعة استنـزاف الغاز من باطن الأرض، وإنما تتعداه إلى جلب مخاطر بيئية وسكانية واقتصادية لا داعي لها. وأنا هنا لا أجزم بحدوث تلك المخاطر، وإنما أدعو للتحسب لها ودراستها، ووضع أهداف اقتصادية ُعليا تسير مشروعات الغاز والتصنيع على هديها، بحيث لا يصبح الرقم المستهدف بعد سنوات قليلة 100 مليون طن سنوياً من الغاز المسال دون أن يكون ذلك عن قناعة بحاجة البلاد لتحقيق هذا الرقم.
• تشير الأرقام الحديثة الصادرة عن مجلس التخطيط إلى أن الناتج المحلي الإجمالي سيصل هذا العام إلى 70 مليار ريال بزيادة 8.8% عن عام 2002، مع العلم بأن أرقام عامي 2002 و2001 قد تم تعديلها بالزيادة. ويلاحظ أن زيادة الناتج لعام 2003 قد صاحبها زيادة ملموسة في مستويات الأسعار وخاصة لجهة أسعار العقارات والإيجارات وهو ما يتطلب دراسة للموضوع بما يمنع خروج مسألة الأسعار عن السيطرة.
• سجل سعر صرف الريال القطري المرتبط بالدولار تراجعاً كبيراً هذا العام أمام اليورو والين الياباني وكافة العملات الرئيسية الأخرى، وسيؤدي التدهور المستمر في سعر صرف الدولار نتيجة العجز الهائل في ميزان المدفوعات الأمريكي إلى جر الريال والعملات الخليجية الأخرى إلى مزيد من الانخفاض في الشهور القادمة، وهو ما ستكون له آثار سلبية على الأسعار في قطر ومنطقة الخليج.